الجمعة، يونيو ٢٣، ٢٠٠٦

Egyptian Beauty - عمارة يعقوبيان



شاهدت فيلم ليلة سقوط بغداد و فيلم عمارة يعقوبيان - حفلة منتصف الليل - و الفيلمان للكبار فقط - و مع ذلك إمتلأت قاعة العرض بالأطفال فى الفيلمين و لا أدرى لماذا !! مجرد ملاحظة عابرة
فيلم عمارة يعقوبيان هو المعالجة المصرية لفيلم أمريكان بيوتى - أمريكان بيوتى يسرد قبح المجتمع الأمريكى من خلال مجموعة من الأشخاص يفترض أنهم يعبرون عن واقع المجتمع الأمريكى بينما عمارة يعقوبيان يسرد قبح بل نجاسة بل قذارة بل .... لا أجد كلمة تعبر عن المعنى ..... المجتمع المصرى من خلال مجموعة من سكان عمارة يعقوبيان حيث ترمز العمارة إلى مصر و يرمز السكان إلى طبقات الشعب المختلفة حيث تقطن الطبقات الغنية فى شقق بينما تسكن الطبقات الفقيرة على السطوح
و يعكس تاريخ العمارة تاريخ مصر بدءاً من الإحتلال الأجنبى متمثلاً فى بناء يعقوبيان لعمارته وسكن الأجانب و اليهود ثم تركهم للعمارة و هو يرمز لنهاية الإحتلال الأجنبى و الحكم الملكى و عصر الباشاوات أو الطبقة الأرستقراطية متمثلة فى زكى باشا (أنا أقدم واحد فى العمارة) و أخته الجاحدة عليه
ثم جاء عصر الثورة و الضباط الأحرار الذين سكن الكثير منهم العمارة بعد أن إغتنوا و لكن لم يغير هذا من أصلهم ( فمازالت زوجاتهم تربى البط على السطوح) - و لم يرمز الفيلم لشخص معين بوضوح يمثل هذه الطبقة و لكن أنا أتوقع أن تكون شخصية كمال الفولى ترمز إلى تحول الضباط الأحرار إلى سلطة البلاد الحاكمة التى تستطيع أن تجعل البلد تقف أو تقعد - على حد قوله
ثم توارى الضباط الأحرار و بدأ عصر الفساد من خلال الطبقة البرجوازية الطفيلية التى ظهرت فجأة و سكنت العمارة و لا يدرى أحد من أين أتت ثرواتها و لكنها تملك الكثير من المال و السلطة الذى يمكنها من سكنى العمارة و الصعود لقمة المجتمع و إخفاء قذارتهم بغلاف دينى و إجتماعى أنيق - رمز لهذه الشخصية الحج عزام - ماسح الأحذية الذى إغتنى من تجارة المخدرات و غسل أمواله بتجارة السيارات ثم سعى لتلميع صورته القبيحة من خلال سعيه للمجلس الموقر - و لكنه مازال فاسداً يدارى على تجارته المشبوهة بحصانته و يدارى على شهوته بزواجه السرى - و هو بمحدودية عقله و أصله البسيط يجد دائماً من يبرر أعماله و يحللها (الشيخ السمان)
و يأتى عصر التحديث و إقتباس النموذج الغربى من قاع المجتمع الأوروبى بعد الإنفتاح - فيأتى ناجحاً عملياً و لكن شاذاً غير قادراً على الإندماج فى المجتمع المصرى فيعيش وحيداً معذباً - و يرمز لهذا الصحفى الناجح الشاذ جنسياً حاتم رشيد الذى لا يستطيع أن يتكيف مع المجتمع المصرى فيعيش منبوذاً و معذباً
الجماعات الإسلامية - فى وجود هذه الطبقات المتصارعة الغير سوية يفشل الشباب البسيط الطموح فى نيل فرصة عادلة فى الحياة لإفتقارهم إلى النفوذ أو المال فيقعون فريسة للعنف الدينى ليجدوا متنفساً لحل مشاكلهم و يبتعدون عن مجتمعهم الذى سبق و نبذهم أيضاً - يرمز لهذا الشاب طه إبن حارس العقار الذى فشل فى الإلتحاق بكلية الشرطة ثم فشل فى الإندماج بطبقات المجتمع المختلفة فإتجه للجماعات و إبتعد عن خطيبته
فى ظل وجود كل هذه الطبقات المتصارعة كانت الطبقة الحاكمة هى التى تمسك بجميع الخيوط و تتحكم فى جميع الأطراف فهى تكبت الجماعات و تشارك الفاسدين بينما تلعب الطبقة الكادحة و المتوسطة ( المثقفة) دوراً سلبياً ( فاكرين الحكومة هى أمها اللى ماسكاها من إيدها) على حد قول كمال الفولى
بينما يمثل الرجال طبقات الشعب القوية يمثل النساء طبقات الشعب الضعيفة - الطبقة الكادحة الفقيرة المغلوبة على أمرها التى يقتصر دورها على خدمة الطبقات الغنية و تلبية شهواتها الرخيصة
و أمام قهر الطبقة الفقيرة لا يجد عامة الشعب بداً من مسايرة الواقع المرير - إما كان مغلفاً بساتر شرعى كما وافقت سعاد على زواجها من الحج عزام بغرض تأمين مستقبل إبنها - و إما كان مستتراً كما وافقت بثينة على بيع نفسها أو الإحتيال من أجل توفير المال لعائلتها بعد وفاة الوالد
يمثل المجند عبده الطبقة المجهولة تماماً من الشعب - الفلاحين - الذين طغت أميتهم على أحلامهم - الذين يعيشون تحت خط الفقر و هم على إستعداد لتصديق أى شىء بسذاجتهم من أجل المال و يعيشون فى ذل شديد بسبب الفقر و الجهل
تأتى النهاية لتوضح نتيجة هذه الصراعات كلها فالطبقة المعدمة المجهولة تهرب و تتوارى - المجند عبده - و الطبقة الفقيرة إما تندمج بالطبقة الأرستقراطية للبقاء على الحياة - زواج بثينة و زكى باشا - و إما تعيش تحت إرهاب و قهر الفساد - طلاق سعاد و الحج عزام و تهديدها بعد إجهاضها - و العنف الدينى للجماعات الإسلامية ينتهى - موت طه - السلطة لا يمكن قهرها - رضوخ عزام للفولى - الطبقة المثقفة الناجحة تموت نظراً لعدم قدرتها على الإنسجام - موت الصحفى الشاذ -

هناك ١٣ تعليقًا:

citizenragab يقول...

الفيلم مالوش اي علاقه بامريكان بيوتي
وكونهم هما الاتنين بيشرحو مجمتمعهم فهذه هي وظيفه الفيلم الاساسيه وهناك الاف الافلام الي بتشرح المجتمعات
وبالنسبه لعمارة يعقوبيان الروايه
كنص سيمنائي تبقي حلوة لكن كروايه تعبانه
والاخراج كان سيء للغايه
والفيلم ممل بدرجه كبيرة جدا

Misho يقول...

فعلاً الفيلم ليس له علاقة بأمريكان بيوتى لكن كلاهما يفضح واقع مجتمعهما القبيح
أنا لم أقرأ الرواية بعد لكن أجد النص السينمائى و معالجته ضعيفة للغاية فلم أتعاطف مع أى شخصية تقريباً
الشخصية الوحيدة التى تم تناولها جيداً هى شخصية حاتم رشيد فأنا أعتقد إنه قام بالتحضير جيداً لدوره

غير معرف يقول...

في الحقيقة لم أدخل هذا الفيلم، لكن كل المؤشرات وكل صديقاتي يؤكدن لي أن هذا الفيلم ممل وتسلسل الأحداث فيه غير منطقي ... ولكنني دخلت منذ اسبوع تقريبا الفيلم الأجنبي (اللعنة) أوomen
بعد ما سمعت عنه من أقاويل دارت حوله في البيت بيتك وبعد التحذيرات التي سمعتها بعدم دخوله ..فذهبت إلى السينما لأجد حشد هائل من الناس تنتظر الدخول إلى هذا الفيلم ، هذا بالإضافة إلى إضافة حفلة مسائية بعد الثانية صباحاً في معظم سينمات القاهرة نظرا للتجمع الشديد حول هذا الفيلم فقررت المغامرة ودخلوه.. وهذا أيضا لولعي الشديد بأفلام الرعب ...وقد حذرتني الكثير من صديقاتي بعدم دخلوه بعدما سمعوا في البيت بيتك بموت ذلك الفتى المتدين الذي شاهد الفيلم قبل نزوله الأسواق على الإنترنت ثم بدأ يتصرف تصرفات غريبة من وضع علامات في القرآن وقطع صفحات من الإنجيل وأشياء تبدو في مجملها غريبة بالنسبة لشاب متدين خاصة، وبالنسبة لشاب مسلم عامة.. إلا أنني كنت قد أخذت قراري بدخول هذا الفيلم ..وحينما بدأ عرض الفيلم لم أجد فيه ما يدعو لكل تلك المهاترات التي أثيرت حوله ...كل ما هناكل وكل ما يختلف عنه هذا الفيلم عن بقية الأفلام الأجنبية الرعب الأخرى هو أنه يتحدث عن الإشاعة التي أشاعتها أمريكا منذ فترة أنه في يوم 6/6/2006 سينتهي العالم بظهور المسيخ الدجال... وهذا هو ما صوره الفيلم
ولكن ما تعجبت له هو تصور أمريكا وفكرها وتنبوءاتها..ففي هذا الفيلم تم عرض هذا الموضوع من خلال البطل وهو طفل صغير في العاشرة من عمره وقد أطلقوا عليه ابن الشيطان والمسيخ الدجال لأنه ولد في 6/6/2006 والفيلم كله يعرض كيف يحاول الطفل طوال الفيلم أن يتخلص من ابيه وامه اللذان ليسا ابواه الحقيقين وإنما قد تكفلا برعايته ويحاول قتل كل من يحيط به حتى يرث ممكتلكات ابيه(الذي كان وزيرا لأمريكا) وبهذا يستطيع ان يحكم العالم... هذا مع صراع الأب وهو الوزير الدائم في محاولته لقتل ابنه بعدما عرف بحقيقته وهو انه الميخ الدجال وأنه ابن الشيطان... وقد توقعت أن ينتهي الفيلم بقتل الوزير لذلك الطفل... إلا ان الفيلم انتهي نهاية غرييبة بقتل الوزير من قبل السلطات الفيدرالية في محاولة للدفاع عن الطفل مع بقاء الطفل حياً...وينتهي الفيلم بأن يقف الطفل في طابور الحرس الجمهوري منتصرا لينظر إلى عدسة الجمهور مبتسما ابتسامة النصر بأنه(أي المسيخ الدجال) سيعيش وسينتهي العالم بهذه الطريقة
نهاية غريبة لم أتوقعها... وهنا أتساءل هل حقا الغرب يفكر بهذه الطريقة؟ وهل حقل هذه الأشياء مكتوبة ومدونة في الإنجيل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟سؤال لعلني أجد إجابة عليه..



`·.¸¸.·¯`··._.· Sarah El Gazzar `·.¸¸.·¯`··._.·
إذا كان الوجود كلمة، فياليتني فهمت كل الكتاب، وإذا كان الكتاب مفقود، فياليتني أجد معنى الحياة!!ا
ليتنا مثل الأسامي لا يغيرنا الزمن.
A life devoted to things is a DEAD life!!
__________________________________________________

amir يقول...

misho
تعليقك عن الفيلم أنضج من الفيلم نفسه

غير معرف يقول...

أشكرك يا أمير
على تعليقك على كلامي
وكنت أود لو نتشارك الآراء حول موقف امريكا من الفيلم
وعموما لا أرى في تعليقي هذا النضج العظيم الذي صورته والذي أشكرك عليه..فقط حاولت فك شفرات الفيلم

Misho يقول...

شكرا يا أمير، أنا بحاول أقرأ القصة عشان أعمل مقارنة أفضل.

سارة؟ إنتى بتتكلمى على إيه أصلاً :) أمير بيتكلم على كلامى أنا :)

غير معرف يقول...

أنا عارفة يا ميشو وأكيد قريت أسمك في اول كلامه يعني بيوجه كلامه ليك
بس حبيت اهزر شوية
وكمان عشان انوه اني كنت عايزة تعليق على فيلم اومين
بس ما علينا اعتبرها مزحة

bluestone يقول...

معاك ان الفيلم بيتناول المجتمع بنفس الطريقة الصدامية بتاعة فيلم الجمال الامريكي .. وده سر الجدل حوالين الفيلم.
بس اغلب الملامح اللي شفناها في الفيلم موجوده فعلا في بلدنا لكن احيانا بيبقى من الصعب الاعتراف بوجودها ..
من المؤلم الاعتراف اننا نعيش في بلد المسخ في زمن المسخ وان البلد اللي صدعوا دماغنا بالكلام عن حضارتها ومجدها وتاريخها تحولت إلى بلد المسخ اللي سكانها عبارة عن نماذج مشوهة من البشر ..
وتحول المجتمع إلى مسخ فشل في ان يكون له شكل محدد فلم يتبع النموذج الاسلامي ولا العلماني ولا الغربي ولا الاشتراكي بل اصبح سلطة ..

يمكن يعيب على الفيلم غياب النماذج الايجابية والمتمثل بعضها مثلا في الحركات الوطنية او الناشطين السياسيين الذين كانوا متواجدين في المنطقة دي في هذه الفترة بشهادة اهلها .. ولكن في النهاية تلك وجهة نظر كاتب الرواية ورأيه.


عجبني تحليلك للفيلم جدا مع اختلافي معاك في بعض النقاط البسيطة .. منها تحليلك لشخصية حاتم الرشدي والجزء الخاص بالطبقة الفقيرة المعدمة اللي هي مصر الحديقة تقريبا زي ما كان الاسواني شايفها...

اللي استوقفني جدا .. نهاية الفيلم .. زواج بثينة بذكي الدسوقي .. ورمزيته في الفيلم وفي الاحداث .. نهاية جميع الشخصيات جاءت مؤسفة ومأساوية .. إلا بثينة (الطبقة الفقيرة المقهورة دوما من قبل الظروف / اكبر طبقات المجتمع المصري ) وذكي باشا ابن مصر القديمة مصر البشوات والارستقراطيين والتربية والثقافة الغربية الصحيحة الذي يشعر بغربة في مصر الحديثة التي لا يرى فيها مكانا له ..فهي لا تقبله بثقافته المتحرره وهو لا يمكنه التكيف فيها ..
هذه هي النهاية السعيدة الوحيدة في الفيلم زواج مصر الفقيرة المقهورة بمصر القديمة بتاعة البشوات مصر المتحررة مصر ما قبل الثورة والتي تتمكن في النهاية من الامتزاج بمصر الفقيرة .. حيث يتنازل ذكي عن نزاوته ويتزوج بثينة في احتفال كان مزيجا من الاغنيات الفرنسية والرقص البلدي ..

فما الذي يحاول الاسواني ان يقوله هنا ؟؟؟ هو ده السؤال اللي احب اعرف رأيك فيه ؟؟

Misho يقول...

سارة؟؟ :))))

بلوستون، نورتى :)
الحقيقة أنا تحليلى مجرد رأيى و حالياً أقرأ القصة التى تحتوى على تفاصيل أكثر ستساعدنى على فهم الرموز أكثر.
لغاية دلوقتى مش فاهم المقصود من زواج بثينة و ذكى غير إن دول هما الطبقتين الوحيدتين اللى ممكن يعيشوا فى سلام و يستمروا. برغم ذلاتهم و خطاياهم لكنهم طيبين.

غير معرف يقول...

عمارة يعقوبيان.. المجتمع على مشرحة السينما
إخوان أون لاين - 03/07/2006






نقد: عمرو محمود
عندما شاهد الرئيس جمال عبد الناصر وأركان نظامه فيلم (شيء من الخوف) لم يصدقوا ما كتبته التقارير الأمنية وقتها، من أن الفيلم يشير إليهم بأصابع الاتهام، ويشبِّه نظامَ حكمهم بعصابة عتريس، الأمر الذي يعني قصورًا في فهمِ إشارات الفيلم وتلميحاته حول فساد السلطة ورجالها.

الشيء نفسه ينطبق على فيلم (عمارة يعقوبيان) الذي يحمل الفكرة نفسها ولكن "موديل 2006"؛ حيث يحكي الفيلم قصة الفساد الذي تغرق فيه مصر اليوم، من خلال عمارة شهيرة في منطقة وسط البلد، تسكنها عيِّنةٌ تمثل الشعب المصري، ففيها زكي "عادل إمام" ابن الباشا الوزير السابق، والذي يعيش حياة الأعزب الذي جاوز الستين وأهدر حياتَه وراء نزواته، وفي العمارة أيضًا عزَّام "نور الشريف" ماسح الأحذية الذي حاز الملايين وأصبح عضوًا في مجلس الشعب؛ ليحقِّقَ المزيدَ من الأرباح، رغم وضاعة أصله، وأيضًا يسكن في العمارة الصحفي حاتم رشيد (الشاذ) ويعيش البوَّاب وأسرته الفقيرة في أسفل العمارة ويرقد على السطوح عددٌ من الأُسَر الفقيرة التي تكافح وتضحِّي من أجل لقمة العيش.

الفيلم لا يقدم قصة حب بين أحمد ومنى ولا حتى عنتر وعبلة؛ مما جعله يخرج على الإطار التقليدي للسينما المصرية وأصبح حالةً متفردةً في سوق السينما الذي يتحكَّم فيه الباحثون عن الأرباح من خلال سيناريوهات سطحية ومجموعة أنصاف موهوبين، كل ما يحلمون به الفلوس والشهرة، بينما أدمِغَتُهم مسطحةٌ خاليةٌ من أي فكرٍ أو ثقافةٍ.

لذلك عندما جاء "عمارة يعقوبيان" كان هو الاستثناء الذي يحمل فكرةً ويكشف المخبوء خلف الأبواب التي يوصدها الغلابة على أنفسهم، ويسلط الأضواء على ما يجري في كواليس السياسة، ويشرح باقتدار الأسباب التي جعلت الكلَّ يبيع، مثل زكي الثري ابن الباشا، الذي باع كرامته وحياته مقابل نزواته، والفتاة الفقيرة التي تتنازل عن كبريائها وحيائها من أجل العمل والحصول على لقمة العيش، والأرمل التي توافق على الزواج من رجل الأعمال الثري رغم شروطه الظالمة التي تحرمها من ابنها وتحرمه من رعايتها، والسياسي الكبير في الحزب الحاكم الذي يتاجر بمنصبه المهم ويبتزّ رجال الأعمال ويبيع لهم السلطة مقابل المعلوم، وهكذا يعرض الفيلم بتلخيص شديد وتكثيف معبِّر حالةَ مصر التي نعرفها اليوم.

فكّ شفرة الفيلم
علاء الأسواني
عندما صدرت رواية يعقوبيان للأديب علاء الأسواني سألوه عن رموز الرواية التي كانت واضحةً وضوحًا شبه كامل أمام القرَّاء فكان ردّ الأسواني أنه لا يقصد شيئًا مما فهمه القرَّاء، وهذا ما قاله المؤلف للصحافة في أحاديث متعددة، لكن بعد عرض الفيلم كان واضحًا أمام الجمهور وعلى نطاق أوسع (مشاهدو السينما، بالإضافة إلى قرَّاء الرواية الأصلية) أن الرموز سهلة الحل، وعلى سبيل المثال الصحفي الشاذ حاتم رشيد ظهر في مشهد اجتماع مجلس تحرير الجريدة التي يرأس تحريرها وتصدر باللغة الفرنسية وأمامه نُسَخٌ من جريدة (الأهرام)؛ مما يؤكد أن المقصود هو رئيس تحرير الجريدة إياها الصادرة عن مؤسسة الأهرام والذي يشغل الآن منصبًا كبيرًا يتعلق بالأدب والثقافة.

وكذك شخصية كمال الخولي السياسي الكبير الذي يتاجر بمنصبه في الحزب الحاكم ويفرض الإتاوات على الراغبين في السلطة، وليس مطلوبًا أن يبذل أحد أدنى جهد في التعرف على الشخصية الحقيقية لهذا الرمز، والذي كان يشغل المنصب ذاته في الحزب الحاكم، بل يتحكَّم في الوزراء ورئيس الحكومة وكلمته نافذة عند القيادة السياسية، ويخشاه جميعُ أعضاء الحزب الذين يتقربون إليه بشتى الوسائل، ومنها دفع الأموال نقدًا أو بشيكات، بل إن اسمه أيضًا (كمال) وهو الذي قام بدوره بكل إتقان خالد صالح، ولذلك يكون صحيحًا ما تردد عن قيام الشخصية الحقيقية لكمال بالذهاب إلى دور السينما في إحدى الحفلات المتأخرة لمشاهدة نفسه في الفيلم، وربما لو كان كمال الحقيقي في نفوذه وهيلمانه الآن لانتَقَم من الجميع، لكن القدَرَ شاء له أن يُصبح الآن وزيرًا سابقًا ومديرًا لأحد المجالس القومية، أي أنه الآن مجرد من أسلحته التي كان يُرهب بها جميع مخالفيه بلا استثناء.

أما شخصية عزام "نور الشريف" الذي كان ماسحًا للأحذية وأصبح من ذوي الملايين عندما بدأ يتمرد على كمال نسفه الأخير ثم أعاده بعد دفع المعلوم، فهي إشارةٌ واضحةٌ إلى كل رجال الأعمال الذين تفضحهم الصحافة بالوثائق والمستندات وتؤكد الأجهزة الرقابية إدانتهم، بحيث لا يصبح أمامهم إلا السجن، ولكن فجأةً يبدأون في تسوية ديونهم بشكل مُريح ويتم رفعُ سيف العدالة عنهم ويعودون إلى المزيد من النهب والأمان في ظل المصالحة مع السلطة ورضاها المشمول بالتأمين الكامل لعمليات سرقة الوطن.

النص السينمائي
وحيد حامد
في السابق كان معروفًا عن السيناريست وحيد حامد عداؤه الشديد للتيار الإسلامي، واتسمت معالجاته لهذا التيار بالسلبية الشديدة، فقد كان دائمًا ما يخلط بين جماعات العنف والتيار الإسلامي المعتدل، وتظهر في أفلامه عناصر الإسلاميين في صورة المتطرفين والإرهابيين وهو في ذلك ينافق السلطةَ التي أعطته الضوء الأخضر في هذا الاتجاه، لكنْ في "عمارة يعقوبيان" حدَثَ تطورٌ إيجابيٌّ محدودٌ في سيناريو وحيد حامد، الذي عرض شخصية الشاب التقي المسالم، الذي تقبض عليه أجهزة الأمن وتقوم بتعذيبه وانتهاك عرضه؛ مما يدفعه إلى الانتقام من الضابط الذي ارتكب هذه الجريمة في حقِّه ويلجأ في ذلك إلى رفاقه الذين سرعان ما يلبون نداء زميلهم ويهيئون له الفرصةَ ليثأر من الضابط الذي يلقَى مصرعه بطلقاتٍ من مسدس الشابّ وزملائه؛ مما يدفع مشاهدي عرض الفيلم إلى التصفيق بكل حرارة وكأنهم أمام حدثٍ حقيقيٍّ، الأمر الذي ينفي السلبية عن الشعب المصري ويجعله إيجابيًّا مشارِكًا ولكن في ظروف معينة، ورحم الله المخرج عاطف الطيب صاحب الرؤية المعتدلة للتيار الإسلامي وعقبال وحيد حامد.

المشاهد
رغم اشتمال الرواية الأصلية للفيلم- التي كتبها علاء الأسواني- على مشاهد خارجة وتفصيلات تخدش الحياء، إلا أن ذلك تم اختزاله في النص السينمائي للفيلم، ونجَحَ المخرج في التعبير عنه لولا عدد من السقطات والمشاهد التي كان يجب حذفُها تمامًا من جانب الرقابة، وكان من الممكن أن يبدو الفيلم في صورة أفضل وأكثر احترامًا بحيث لا يتحرَّج الناس من مشاهدته لما يشتمل عليه مما يخدش ويجرح، ورغم ذلك فإن هذا النص لو كان في يد غير هذا المخرج ربما أصبح في عداد أفلام البورنو.

ملف الشذوذ في السينما
يفتح فيلم "عمارة يعقوبيان" ملف الشذوذ في السينما من جديد؛ حيث ظهر حاتم رشيد "الصحفي الشاذ" في خمسة عشر مشهدًا كان يمكن اختزالها إلى الثلث فقط وكان فيها تجاوزٌ جارحٌ ومثيرٌ للتقزُّز، وقد فشل ها هنا كل من المخرج والسيناريست في التلخيص والتكثيف أو ربما كان هدف توسيع هذه المساحة الشاذة في الفيلم مغازلة مانِحي الجوائز في المسابقات العالمية التي اعتادت على تقييم الأعمال السينمائية حسب حجم الشذوذ و"القرف" المشتملة عليه.

والسؤال كيف قبِلَ أحد الممثلين القيام بدور الشاذّ والإجابة بلا شك هي البحث عن مكاسب (ميزانية الفيلم 22 مليون جنيه)؛ لأن هذا الدور تم عرضه على مجموعة من الممثلين ورفضوه خشيةَ أن يربط الجمهور بين الدور وشخصياتهم الحقيقية، لكن هذا الممثل قبِلَ الدور رغم أنه- أي هذا الممثل- ما كان له أن يقبل القيام بدور كهذا؛ لكونه سبق أن قام بدور الرئيس جمال عبد الناصر (دور البطولة) في فيلم أنور القوادري، ورغم فشل الفيلم- بسبب سوء أداء البطل الذي تم اختياره لمجرد التشابه في الشكل بينه وبين عبد الناصر- إلا أنه أصبح بحكم الزمن صاحب دور لزعيم تاريخي، وهو الأمر الذي يفجِّر قضيةً أخرى أهم، وهي أنه إذا كان تمثيل شخصية تاريخية مثل جمال عبد الناصر- سواءٌ اتفقنا أو اختلفنا عليه- يعني اختياراتٍ محسوبةً للممثل، فإنه من باب أولى أن يراعِي ذلك مع أدوار الأبطال التاريخيين للأمة كلها، وعلى رأس هؤلاء يكون الصحابة الذين يتنازع الجاهلون في القيام بأدوار تمثل شخصياتهم، رغم افتقادهم لأدنى مقوِّمات هذه الشخصيات، وبالتالي يكون الموقف الصائب هو عدم تمثيل شخصيات بعض الصحابة مثل العشرة المبشرين بالجنة، وهذا ليس من باب التقديس ولكن من باب التقدير، الآن ربما نكون خرجنا عن موضوعنا لذلك نقف عند هذه النقطة.

غير معرف يقول...

كانت هذه إحدى المقالات التي قرأتها عن فيلم عمارة يعقوبيان، أردت أن أبعث لكم بها علكم تجدون فيها تفسيرا لبعض الأشياءا لغامضة في الفيلم

أحمــــــــدبــــــــــلال يقول...

تحليل ممتاز لشكل الفيلم أحييك عليه فعلاً
على فكرة أنا من المعجبين بأمريكان بيوتى
بس هو مالهوش دعوة بعمارة يعقوبيان
لأن ناس كتير ممكن تفتكر أنك قصدك ان الفيلم مقتبس
لكن الاتنين بيشتركوا فى أنهم بيظهروا جوانب المجتمع

تحية حارة لكل من
عادل أمام
خالد صالح
خالد الصاوى

غير معرف يقول...

Thаnk уou for every οther excellent article.
Where else could anyοnе get that kind
of infoгmation in such a perfеct aρproаch оf
writing? I've a presentation next week, and I am at the search for such information.

Feel free to surf to my site: the hcg diet