الجمعة، ديسمبر ١٤، ٢٠٠٧

حوار مع الله

جزء من عظة للبابا شنودة الثالث...
كانت كلماتها جميلة للغاية فلم أستطع أن أنام قبل أن أكتبها كلها و أنشرها هنا لكى تشاركونى إعجابى الشديد
إستمع للأوديو بصوت البابا - مع خلفية موسيقية
أنا يا رب أتلمّس إرادتك
و لكنى لا أعرف الطريق جملة و تفصيلاً
و لذلك فى كل يوم أقول مع المرتل فى المزامير
عرفنى يا رب الطريق التى أسلك فيها
علمنى أن أصنع مشيئتك،
روحك القدوس فليهدنى إلى الإستقامة
أقول أيضاً إهدنى إلى طريقك فأسلك فى حقك
عرفنى يا رب سبلك إهدنى فى سبيل مستقيم
و يقول أيضاً فى المزمور الكبير
غريب أنا على الأرض فلا تخفى عنى وصاياك
مبارك أنت يا رب فهمنى حقوقك مبارك أنت يا رب
أنر لى برك علمنى أن أصنع مشيئتك
و فى آخر كل صلاة نقول سهل حياتنا
و أرشدنا إلى العمل بوصاياك
و نقول فى القداس الإلهى إهدنا إلى ملكوتك
أنا يا رب كثيراً ما أسقط و أبعد عنك
و أنت تقول إرجعوا إلى فأرجع إليكم
تقول إرجعوا إلى فأرجع إليكم
و أنا أريد أن أناقش هذا الأمر معك كيف نرجع إليك؟
كيف نرجع إليك إن لم ترجع أنت إلينا؟
ترجع إلينا لكى ترجعنا إليك. يعنى بأيهما نبدأ؟
إحنا اللى نرجع إليك
و لا إنت اللى ترجع إلينا لكى ترجعنا إليك؟
فى قصة الخروف الضال
ما كان ممكناً لهذا الخروف الضال أن يرجع إليك
أنت الذى ذهبت و بحثت عنه
و وجدته و حملته على منكبيك فرحاً
كذلك الدرهم المفقود ما كان ممكناً أن يرجع إلى كيسه
لكن إنت اللى بحثت عنه و إنت اللى أرجعته إليك.
آدم الذى هرب منك و إختفى وراء الأشجار
هل كنت تقول له إرجع إلى فأرجع إليك؟
ما كان ممكناً أن يرجع إليك، أنت اللى رجعت إليه،
إنت اللى بحثت عنه و رجعته.
يونان الهارب منك إنت اللى رجعته
إيليا اللى هرب فى البرية
و قالك هدموا مذابحك و قتلوا أنبياءك وبقيت أنا وحدى
إنت اللى أرجعته إليك
توما اللى شك فيك و قال
مش ممكن أؤمن بالقيامة إلا لو حطيت صباعى فى المسامير
إنت اللى جيت له مش هو اللى رجع إليك.
التلاميذ اللى خافوا و إختبأوا
إنت اللى رجعت إليهم لكى ترجعهم إليك
شاول الطرطوسى اللى كان بيضطهد الكنيسة
و كل يوم يقود رجالاً و نساءاً إلى السجن
مش هو اللى رجع إليك
إنت اللى رجعت إليه عشان ترجعه إليك
و مع ذلك بتقول إرجعوا إلى فأرجع إليكم .
لأ يا رب إنت اللى ترجع إلينا عشان نرجع إليك
لوحدنا مش هنعرف نرجع لوحدنا هنقدر نرجع
و ده كلامك إنت بتقول فى يوحنا 15-5
بدونى لا تقدرون أن تعملوا شيئاً
بدونى لا تقدرون أن تعملوا شيئاً
إذن مش هنقدر نرجع إليك بدونك إنت اللى ترجعنا إليك
أيضاً قلت فى المزمور
إن لم يبن الرب البيت فباطلاً تعب البناؤون
و إن لم يحرس الرب المدينة فباطلاً سهر الحارس
فإحنا إزاى هنبنى حياتنا الروحية من غيرك
إزاى هنحرس أنفسنا من هجمات الشياطين إن لم تحرسنا أنت
نقطة البدء تكون منك مش مننا.
تقول لازم إنتم تطلبونى؟
ده عشان نطلبك لازم نعمتك هى اللى تخلينا نطلبك
كيف تكون نقطة البدء؟
هل مهمة رجوعنا إليك هى مهمتنا إحنا أم مهمتك إنت؟
مهمة توبتنا هل توبتنا إحنا اللى نتوب
و لا نقول كما قلت فى أرميا النبى توبنى يا رب فأتوب
أنا عايز أتوب لكنك إنت اللى تتوبنى
و بدونك لا أستطيع أن أتوب.
توبنى يا رب فأتوب فى أرميا 31-18
إرجعنا يا رب فنرجع إرددنا يا رب إله خلاصنا
إردد يا رب سبينا مثل السيول فى الجنوب
أنر بوجهك علينا فنخلص.
إنت يا رب بتقول إرجعوا إلى فأرجع إليكم
و إحنا عايزين إنك إنت ترجع إلينا لكى ترجعنا إليك
فهذا هو عملك الإلهى هذه هى مسئوليتك الإلهية
لأنك إنت الراعى الصالح
المفروض إنك إنت ترعانا فى مواضع خضرة
و على ماء الراحة توردنا و ترد أنفسنا و تهدينا إلى سبل البر
حتى إن صرنا فى وادى ظل الموت
لا نخاف شراً لأنك أنت معنا
إنت بتقول يا رب فى سفر حزقيال النبى
أنا أرعى غنمى و أربضها يقول السيد الرب.
و أطلب الضال و أسترد المطرود
و أجبر الكسير و أعصب الجريح.
هل تظن إن الضال ده يرجع لوحده إن لم تطلبه أنت؟
إنت بتقول أنا أطلب الضال - أطلبه إذن و إسعى إليه
و إسترد المطرود لأن المطرود مش هيقدر يجيب نفسه
و إنت اللى تجبر الكسير و إنت اللى تعصب الجريح.
يجيلك يا رب واحد من أولادك
و يقولك إعطنى نصيبى من الميراث
و ياخد بعضه و يمشى، تقوم تسيبه يمشى؟
أهو مشى و داق و رجع تانى.
لكن فيه ناس كتير خرجوا من بيتك
و ضلوا و مرجعوش و هما الغالبية.
إنت بتقول أخلص غنمى فلا تكون بعد غنيمة،
هل تظن غنمك هتقدر تخلص نفسها إن لم تخلصها أنت؟
بتقول أقطع معهم عهد سلام
و أنزع الوحوش الرديئة من الأرض
أخلص غنمى من أفواههم فلا تكون لهم مأكلاً
إذن أين وعودك هذه يا رب أين وعودك؟
أين وعودك التى قلت فيها
ها أنا معكم كل الأيام و إلى إنقضاء الدهر
أين وعودك التى قلت فيها إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها؟
أين وعودك التى قلت فيها للكنيسة هوذا على كفى نقشتك؟
و التى قلت فيها إن نسيت الأم رضيعها أنا لا أنساكم.
أين وعودك التى قلت فيها عن غنمك - فى يوحنا 10
خرافى أنا أعطيها حياة أبدية و لن تهلك إلى الأبد
و لا يخطفها أحد من يدى
و لا يقدر أحد أن يخطف من يد أبى.
آه يا رب - ها هم الخاطفون كثيرون.
أين يدك القابضة و التى خطف منها كثيرون من أولادك؟
أين ملكوتك على الأرض؟
أنظر إلى الخليقة و أين ترى ملكوتك فيها؟
تقول ما أضيق الباب
و ما أكرب الطريق الذى يؤدى إلى الحياة
و قليلون هم الذين يجدونه
لماذا يا رب قليلون هم الذين يجدونه
لماذا قليلون يخلصون؟
و أنت الذى تريد إن جميع الناس يخلصون
و إن إلى معرفة الحق يقبلون
أنت الذى قلت للآب حفظتهم فى حقك و لم يهلك منهم أحد
نحن نكلمك يا رب لأنك إله حنون
لا تشاء موت الخاطىء مثلما يرجع و يحيا.
نكلمك لأنك إله قوى تستطيع أن تنقذ فهل أنقذت الكل؟
نكلمك لأنك إله قادر
نكلمك لأنك إله متواضع تقبل الحوار معنا.
نكلمك لأنك إله حكيم تخرج من الجافى حلاوة
و هوذا الجافى لا يزال جافياً
أين الإيمان على الأرض أين القداسة على الأرض؟
و ها هى الإنحرافات تملأ الأرض كلها
إنحرافات إيمانية إنحرافات سلوكية إنحرافات فكرية
و أنت يا رب تبصر و تنظر و الأرض مملوءة من الفساد
و بقى أن تعمل
أين رعايتك و أين حفظك؟
أنا أعرف أنك ترعى و تحفظ
و أعرف أيضاً أن كثيرين يشتكون
عشان كده داود بيقولك أرنا يا رب قوتك أرنا خلاصك
ورينا خلينا نشوف. لماذا يقولون أين هو الرب إلهك؟
أين يا رب عمل نعمتك أين عمل روحك القدوس
فى كورونثوس الأولى 12
لا يستطيع أحد أن يقول أن المسيح رب إلا بالروح القدس
أين يا رب خلاصك و أنت قد جئت لتخلص ما قد هلك
و قلت لم آت لأدين العالم بل لكى أخلص العالم
أين عملك فى العالم الآن؟ أين روحك النارى؟
أين مواهب روحك القدوس كما كانت تعمل فى القديم؟
و كما قلت أسكب من روحى على كل بشر
و أعطى عجائب فى السماء و على الأرض
أنا أعرف المشكلة
المشكلة هى حرية الإرادة التى أعطيتها لنا.
فالبشر إستغلوا حرية الإرادة ضد أنفسهم
و مبدأ تكافؤ الفرص الذى أعطيته للشيطان.
و إستغله الشيطان لعلاج العالم
أليس من حدود لحرية الإرادة على الأرض.
هل تترك يا رب الناس إلى حرية إرادتهم فيهلكون أنفسهم؟
يعنى تشوف واحد يرمى روحه فى البحر و يغرق
و تقول أسيبه لحرية إرادته؟
إنسان ينتحر و يقتل نفسه تقول هنسيبه لحرية إرادته؟
ناس بيهلكوا أنفسهم و يروحوا جهنم بحرية إرادتهم،
أتتركهم إلى حرية إرادتهم؟
يا ريتك يا رب تتدخل فى حرية الإرادة
و تضبط الناس فى حرية إرادتهم
إضبطهم. أنا عارف إنك بتقول
أنا لا أريد أنا أرغمكم على عمل الخير
صحيح لا تريد أن ترغمنا
لكن ساعدنا إن إحنا نعمل الخير إرشدنا أعننا
بتقول إن لم ترجعوا و تصيروا مثل الأطفال
لا يمكن تدخلوا ملكوت السموات
ليكن. عاملنا إذن كأطفال.
الطفل يحتاج إلى من يحمله و إلى من يحتمله
فإحملنا و إحتملنا
الطفل يحتاج إلى من يرشده و من يغذيه
إرشدنا و غذينا
الطفل يحتاج إلى من ينظفه من أوساخه
نظفنا من أوساخنا
إعتبرنا زى مريض بيت حسدا
ليس له إنسان يلقيه فى البركة
يقعد طول عمره مريض؟
أديك تدخلت و شفيته و مين غير بِركة
عاملنا كضعفاء كعاجزين كمرضى
قوتنا منك إنت
بنقول قوتى و تسبحتى هو الرب
و قد صار لى خلاصاً
إعمل فينا إذن بقوتك
تقول كم مرة أردت و لم تريدوا
طب يا رب إن كنا لا نريد
هل تتركنا لعدم إرادتنا؟
إن كنا لا نرغب فى الخلاص،
هل تتركنا لعدم رغبتنا؟
بولس الرسول بيقول فى رومية 7
الشر الذى لست أريد إياه أفعل
إذن لست أريده أنا بل الخطية الساكنة فيا
طب هتترك ليه يا رب الخطية الساكنة فينا
ده فيه آية جميلة جداً فى فيليبى 2-13
بيقول الله هو العامل فيكم أن تريدوا
و أن تعملوا لأجل المسرة
الله هو العامل فيكم أن تريدوا و أن تعملوا
إذن إن كنا لا نريد إجعلنا نريد
إن كنا لا نريدك إجعلنا نريدك
إن كنا لا نعمل إجعلنا نعمل
و أنت القادر. إمنحنا هذه الإرادة
إن كنا لا نرغب فى حياة القداسة
إمنحنا هذه الرغبة كهدية مجانية من عندك
لكن لا تترك العالم إلى نفسه
إن كان العالم قد رفضك
فلا تتركه إلى رفضك
إن كان العالم لا يريدك
فلا تتركه إلى عدم إرادتك
حقاً يا رب
ما موقفك من الرافضين لك؟
ما موقفك من المقاومين لك؟
ما موقفك من المدمنين على عمل الشر؟
هل تترك كل هؤلاء إلى رفضهم
و إلى مقاومتهم و إلى إدمانهم الشر؟
ما موقفك من الحالات الشاذة، الحالات الخاصة؟
الحالات المتطرفة، الحالات العاجزة؟
واحد مش قادر يوصلّك، تسيبه ما يوصلكشى؟
واحد قلبه تلفان من جوه، تسيبه لقلبه التلفان؟
ما أريد أن أقوله أخيراً لا تتركنا يا رب لأنفسنا.
إعمل فينا لكى نعمل معك
أنت قلت كل غصن لا يصنع ثمراً يقطع و يلقى فى النار
طب ده مبيعملش ثمر ليه ؟
لأن عصارة الشجرة لا تسرى فيه
إجعل يا رب عصارتك تسرى فيه و حينئذ يصنع ثمراً
نقب حوله و ضع زبلاً إتركه هذه السنة أيضاً
صدقنى يا رب
و أنت تعلم كثير من الساقطين يريدون القيام
و لكنهم لا يستطيعون
أقمهم إذن و عزيهم
أنظر إلى خليقتك بإعتبار إنها خليقة ضعيفة مياله عاجزة
و أقمهم و عزيهم
أنت الكل فى الكل
فإعمل كل شىء فى كل أحد
و لتكن مشيئتك

الأربعاء، نوفمبر ٢١، ٢٠٠٧

نصائح ذهبية للرجل



1- تسلم أنت القيادة. و أقصد هنا قائد الأوركسترا الذى يذوب رقة على دقة، و لطفاً على قدرة. إن النساء يكرهن الرجال المستبدين الطغاة، و يحترمن منهم القادة الأشداء. كل رجل يشعر أحياناً شعور طفل يبكى، و تجد المرأة متعة فى أن تحضنه من وقت إلى آخر لكن ليس دائماً، و إلا فمتى يكون دوره ليحضنها؟ سوف تحبك أكثر إذا علمت أنك تعرف متى تتزعم قلبها و ترأس عائلتك. إن هذا يخلق فى المرأة شعوراً بالإرتياح سببه هو إطمئنان داخلى إلى مستقبلها.
2- الزواج ليس أن توفق إلى الشخص الصالح بل أن تكون أنت الشخص الصالح.
3- تعلم أن تكون لطيفاً. إن المرأة قد تفعل أى شىء من أجلك إن أنت غضضت الطرف عن أخطائها، و عززت نقاط القوة عندها، و بلغت مستوى اللطف الذى يقول: " أحبك بما فيك من حسنات و سيئات. أحبك كما أنت تماماً". إن رضى المرء بما لديه هو أساس صلب لكل علاقة ناجحة و مستمرة. تحرر من الأنانية و إهتم إهتماماً صادقاً بمشاعر الآخرين و عاملها بلطف.
4- إبدأ أمام المرآة. كثير من الرجال يرددوا: " لو إنها تتغير لأصبحت الأمور بيننا على ما يرام" – ليس هذا صحيحاً، تكون المرأة أكثر رغبة فى مواجهة خطأها إذا كان الرجل قد أبدى رغبته فى تحمل مسئوليته. و العلامة الأكيدة للرجل الجدير بتسلم بتسلم مركزه فى القيادة هى عظمة الروح التى تستطيع أن تنظر فى المرآة و تقول: "من هنا نبدأ!" – إبق متواضعاً.
5- هناك نوعين من الأخطاء عليك أن تقبلهما: تلك التى لن تستطيعا زحزحتها فتوظفاها داخل حبكما كدعامة لعلاقتكما؛ و تلك التى يمكن إصلاحها، فتواجهانها معاً بذكاء. يتطلب هذا نوعاً من الحس لكى تكتشف الوقت المناسب لمواجهة و إصلاح الأخطاء. ففى بعض الأيام نحن لا نشعر بأى رغبة فى إصلاح ذواتنا. و هناك مناسبات يجب ألا يحلل فيها أحد الطرفين الآخر، بل أن يرتاح إليه كما هو.
6- إسألها أن تساعدك على النمو. إن المرأة تتوق إلى أن تكون ذات نفع لرجلها، فإذا بادرت إلى طلب مساعدتها، و إذا تقبلت بلباقة كل ما عندها لتقدمه إليك، إحترمت حكمها على الأشياء، شكرتها و جعلتها تشعر أنكما تكوّنان فريقاً عظيماً، فسيأتى يوم تنقلب فيه الآية، فتسألك هى المساعدة؛ لأنها تكون قد شعرت بأنها إرتبطت برجل آخذاً فى النمو، فترغب هى أن تنمو معه.
7- واظب على المحادثة. يتخذ تبادل الأفكار و المشاعر أهمية خاصة بل نوع من الضمان للحياة و يتطلب تخطيطاً دقيقاً و وقتاً خاصاً فى برنامجك اليومى، إن المرأة تريد أن تعرف ما يدور فى خاطر محبوبها. الإفساح فى المجال لشخص ما لكى يلج قلبك قد يكون بغيضاً أو مروعاً لأنه يكشف عن أشياء حميمة كامنة فيك. تعلّما أن يشارك أحدكما الآخر فى ذاته بعشرة سعيدة حقاً. كل شىء فى الحياة قد يتلاشى أو يتضاءل و لكن شيئاً واحداً يجب أن يبقى فى إزدياد مطرد ألا و هو الإنفتاح التدريجى بين قلبين، من صميمه يرحب كل منهما بالآخر.
8- ليتعهد كل منكما أن يحاول الكشف عن ذاته شيئاً فشيئاً من خلال الأهداف السبعة التالية لتبادل الأفكار و المشاعر:
a. لنكون أفضل صديقين: الصداقة يبنيها الوقت الذى نمضيه معاً و يكون بيننا فى كل يوم حديث حلو
b. لنخرج مرة فى الأسبوع على الأقل: لنقرأ ما يجول فى خاطر الآخر بدون التعرض لمشاغل الحياة.
c. لنجعل الصدق هدفنا الدائم: و هذا يتطلب أن يكون كلانا صادقاً مع نفسه أولاً.
d. لنحدد فترة مثالية للتحليل الذاتى: و لتكن هى فترة خاصة بكل واحد لكى يحلل ذاته و يصفى نفسه من جميع الأمور التى تدور بداخله.
e. لنصل إلى الرأفة و الغفران بصورة كاملة: نطرح الأسئلة و لا ندين. نسعى إلى شجاعة روحية متبادلة، يسمع الإعتراف بحنان. و نكون شاكرين عندما يتاح لنا أن نواجه حقيقة ذاتنا.
f. ليحترم كل منا خصوصيات الآخر: لا نفرط فى التحقيقات الفضولية. مع إدراكنا إن ما نخبئه قد يكون ضاراً، فلن يدع أحدنا للآخر سبيلاً لهدم ذاته. و لن نلجأ يوماً إلى الضغط، لأن الكشف عن الذات يجب أن ينبع من الداخل.
g. لنتذكر أن السرية نعمة: و نعمد إلى الرفق، لأن سد جميع الثغرات بيننا يستغرق الحياة بطولها. سنحب ما أعطى لنا اليوم، و ننتظر ما سيحمله الغد بمنتهى الأمل.
9- إن كنت تحب شيئاً فقل إنك تحبه. إن المرأة تستميت لتنال إستحسان الرجل. و أفضل طريقة تعرب بها عن إستحسانك إياها هو أن تخبرها بذلك. إن أعطيتها فكرة طيبة عن نفسها تحاول أن تكون كذلك. إن الرجل الذى يتنبه لحاجات إمرأته و يبقى مفكراً فيها، يستطيع أن يستخدم مواطن القوة عندها ليمدحها. النساء مخلوقات معقدة؟ نعم! و لكنهن أرواح بسيطة تحب الأشياء البسيطة، و أبسط ما يحببن هو أبسط ما يعطى لهن. فلتبدى لها الإطراء.
10- تنازل قليل منى أو منك، كسب قليل لكلينا.

عن كتاب أقرأه. و للحديث بقية...

السبت، أكتوبر ٢٧، ٢٠٠٧

رباعيات 1


فى ليلة شوفتك و شوفتينى
و عينيكى قابلت ضيا عينى
قالوا عينيكى كلام بينك و بينى
ماسمعتوش لكن فهمِته عينى

و عجبى
ميشو

الثلاثاء، سبتمبر ٠٤، ٢٠٠٧

النهاية


للمشاهدين من FaceBook يرجى القراءة من موقع البلوج أفضل هنا

إضغط هذه العلامة لتحميل الموسيقى

كان فندقاً ضخماً فخماً، يطل على ساحل البحر. بأعلى طوابقه مطعماً كلاسيكياً أنيقاً، واجهته زجاجية تماماً تكشف عن مشهد خرافى لمارينا اليخوت أمام الفندق و أضواء المدينة الساهرة حتى نسمات الصباح الأولى. فى موقع متميز أمام أحد نوافذ المطعم جلست هى على مائدة صغيرة. كانت الإضاءة خافتة للغاية تكاد تكون معدومة، يضىء وجهها شمعة صغيرة تتوسط المائدة. تنساب الموسيقى الحية لآلة الكمان من مكان بعيد، المقطوعة مألوفة، سمعتها فى كثير من الأفلام الأجنبية القديمة لكنها لا تميزها.

أما هو، فكان يجلس بجانبها، مواجهاً النافذة، لم تكن ملابسه تناسب المكان لكنه لم يلق بالاً و لم يبدو أى من الحضور يأبهون به أو بثيابه الرثة. كان شاخصاً النظر إليها، متأملاً وجهها الجميل. لم يدرك الكثيرون جمالها. لكنه يراها اليوم فى أبهى صورة لها، إن جمالها يزداد يوماً عن يوم. كما لو كان الزمان يضيف بحكمته جمالاً على جمالها. رداؤها الأسود اللامع الذى يكشف فى حرص عن أكتافها الرقيقة. عنقها الطويل الذى يلفه سوار فضى ينتهى بحلية رقيقة تلمع بشدة أحجارها الكريمة مع حركة ضوء الشموع الخافتة. لو كان دافينشى هنا لكان رسم لوحة تضاهى الجيوكندا. إن إبتسامتها الحانية الصافية على وجهها الصغير و ملامحها البريئة كانت دائماً تجعله يحلّق فى سعادة طاغية. ساعة كاملة مرت لم يتبادلا فيها كلمة واحدة. لم يملّ هو من النظر إليها طوال الوقت فى شغف شديد و إرتياح عظيم.

لم تكن تنظر إليه بل إلى ساعتها فى قلق كأنما تنتظر شيئاً ما، ألا يكفيها وجوده؟ مدّ يده فوق يدها لكى يجذب إنتباهها إليه لكنها لم تشعر بها. تجهّم وجهه بينما إقترب صوت الموسيقى منهما. توقف عازف الكمان فى كياسة أمامها و مضى يعزف أعذب ألحانه فى إندماج تام و حنكة شديدة، كما لو كان يستمد مهارته من جمالها الأخاذ. رفعت عيونها إليه فى إبتسامة مشجعة. كانت رموشها الطويلة تحجب عيونها السوداء الواسعة حتى هذه اللحظة التى دامت لثوانٍ قليلة ثم عادت مرة أخرى تطرق برأسها إلى الأرض. و مضى العازف الذى كان يرتدى حلة سوداء أنيقة و بابيون فضى فى دورة كاملة حول مائدتها يشجى أجمل ألحانه، التى كانت بالصدفة هى لحنها المفضل من موسيقى ينّى الشهيرة بإسم حلم الرجل الأوحد. ثم بدأ يمضى مبتعداً متجهاً إلى البيانو حيث زميله يشاركه العزف على نفس المقطوعة.

فى نفس الوقت ولج إلى داخل المطعم رجلاً أنيقاً تبدو عليه ملامح الهيبة. إتجه فى ثقة و حزم إلى مائدتها، نظر فى طريقه إلى العازفين و أومأ برأسه ممتناً، بينما إنحنى العازفان فى إحترام و إعتزاز.
توقف الرجل أمامها فى تبجيل و أسف ملتقطاً يدها فى حنو بالغ مقبّلا إياها قائلاً:
- عفواً يا حبيبتى لتأخيرى، أتمنى أن تكون الموسيقى قد نالت إعجابك، لقد إخترتها لأنها الوحيدة التى تعبر عن حلمى الوحيد.
سحبت يدها فى حياء ورمقت بطرف عينيها رواد المطعم الذين إختلسوا النظرات و الهمسات و قد بدأ البعض يشير إليهم فى إعجاب و ربما حقد شديد. ثم قالت فى دلال:
- أى حلم هذا؟
نظر إلى عينيها بعمق شديد و قال بلهجة واثقة لا تدعى مجالاً للكلام:
- إنه أنتِ بالطبع. هل تشكين فى هذا؟ كل عام و نحن طيبون و نحن سوياً دائماً و أنت بخير و سعادة.
قال هذا و قد أخرج من جيبه صندوقاً صغيراً بلون أحمر داكن و فتحه ببطء شديد.
إلتمعت عيناها بشدة فى ضوء الشموع كما إلتمع الخاتم أيضاً من داخل الصندوق. إنفرجت أساريرها و قالت:
- عيد زواج سعيد يا حبيبى.

توقف الزمن عند هذه اللحظة عندما إنتفض الشاب الرث الثياب الذى كان يجلس بجوارها و قد أدرك أن لا أحد يعره أى إهتمام فى المكان. قفز من مقعده و حاول الإمساك بيدها قبل أن تلتقط الخاتم الثمين. لكنه و لشدة دهشته لم يستطع أن يمسك بيدها. لقد أمسك بالهواء بل لم ينتبه إنسان لوجوده. فى لحظات قليلة حاول أن يفسر موقفه و لم يستطع. وقف فى وسط الموائد و لم ينظر إليه أحد. مر بجواره النادل و لم يعره أى إنتباه ! إنهم يتعمّدون إنكار وجوده فى وسطهم. أخذ يفكر فى صمت، أإلى هذا الحد لا يهتم به أحد؟ حتى هى؟ ألهذه الدرجة تتجاهله؟ لقد جلس بجوارها فى هذا المكان لساعة كاملة و لم تقل له شيئاً، لماذا؟

تجاوزت الكلمات عقله و بلغت حلقه هذه المرة، لماذا؟ لكن لم يسمعه أحد. إتجه إلى أحد الموائد محاولاً إلقاء ما فوقها ليجذب إنتباههم. لم يمنعه أحد، لكن لم يستطع أن يفعل ذلك، لقد إخترق جسده المائدة، أو هو طيف جسده؟ تراجع فى ذعر. نظر إليها نظرة أخيرة، لقد كانت تجلس فى سعادة مع حبيبها تتبادل معه حديث عذب. كان يمكنه أن يسترق السمع لهما لكنه لم يحتمل هذا. شق طريقه خلال الموائد. لم يمنع طيفه أى شىء فقد مر خلال العديد من الموائد و النادل و العازفين و باب الدخول فوجد نفسه أمام المصعد. لم يحتاج إلى مصعد؟ كانت هناك علامة تقود إلى سطح الفندق. صعد الدرج فى سرعة ليجد نفسه فوق سطح المبنى، لم يمنعه شىء من الوقوف هناك حيث كان يرى المدينة بأكملها و كانت السيارات تبدو صغيرة للغاية. هناك جلبة ما أمام الفندق، العديد من سيارات الشرطة، الكثير من الناس يلتفون حول شىء ما. كاميرات تليفزيونية تملأ المكان، ربما يصورون مشهداً درامياً أمام هذا الفندق الشهير. كان دائماً يشعر بدوار من الأماكن المرتفعة، لكنه لم يشعر بشىء من هذا القبيل فى هذه اللحظة. على العكس إنتابه شعور غريب بالتحليق فوق هذا المكان. لم تمر دقيقة حتى وجد نفسه بالفعل يقفز من فوق حاجز السطح لكنه لم يحلق فوق المكان بل سقط منه... بشدة... و سرعة....

لحظات قليلة مرت بسرعة كبيرة، أفكاراً كثيرة مرت بسرعة جنونية، كم من المرات التى أحب فيها و تجاهله من يحب، كم من المرات تخلى هو عمن يحب حتى تزوجن و تمنى لو رجع الزمن به للوراء ليغيّر من الأحداث. لكن فات الأوان. إنها ليست المرة الأولى. مرت أمام عينيه كل تجاربه السابقة فى سرعة خاطفة. توقفت ذاكرته عند تجربته الأخيرة. كان يعلم جيداً أنها كانت تحبه لكنه تردد كثيراً فتزوجت بشخص آخر. إن جمالها و سعادتها يجعلانه يندم أشد الندم. كم تمنى أن يكون هو معها فى هذا اليوم يحتفلان سوياً.

كل هذه الأفكار مرت فى جزء من الثانية حتى وجد نفسه يهوى من أعلى المبنى ، وصل إلى أسفله فى سرعة قاتلة. لكنه لم يصب بأى ضرر و لم يشعر بأى ألم، قام و وقف فى مكانه، لاحظ حوله خطوطاً بيضاء على الأرض لم يدرك معناها. إبتعد قليلاً فرأى الخطوط البيضاء ترسم حدوداً لجسد بشرى ملقى على الأرض. تمتزج الخطوط البيضاء بلون أحمر داكن لزج . شريط أصفر يحيط بالمكان، سيارتى شرطة و إسعاف تقفان خارج المنطقة. بعض المارة يتبادلون نظرات الأسى و يواسون بعض الأشخاص الذين قد إنهاروا من المشهد. إنه يستطيع أن يميز هؤلاء الأشخاص، هم يشبهون عائلته كثيراً. لمح بطرف عينه ممرضى الإسعاف يحملون جسداً إلى داخل سيارتهم. إن وجه هذا الشاب الغارق فى دمائه يشبهه كثيراً. إنه هو! كلا أنا لم أمت، أنا مازلت هنا حى أرزق. لا لا تغطيان وجهى.

سارع إلى أهله يطمئنهم، لكنهم لم يشعروا به بل إندمجوا فى بكاء حار – المارة يتهامسون أن شاب أثقلته ضغوط الحياة فساقته إلى حتفه. كلا، إنه لم يقفز من أعلى هذا المبنى ندماً على عمر ضاع أو أحلام تركها تفلت من يداه أو حبيب تجاهله. إنه مازال هنا، حى يرزق، أم هو مجرد طيف روحه الهائمة التى رفضتها الأرض عندما كانت تسكن جسده و لفظتها السموات خارجاً عندما تحررت من الجسد. هل يبقى هائماً حتى النهاية؟ متى تكون النهاية؟

السبت، يوليو ٢١، ٢٠٠٧

الحياة - سلسلة من الأحداث المؤسفة




للمشاهدين من FaceBook يرجى القراءة من موقع البلوج أفضل هنا
إضغط هذه العلامة لتحميل الموسيقى


كان ياما كان، فى وسط الصحرا الواسعة، جمل، طاير، على ضهره قلل كتير. الجمل بيرفرف فى الهوا طول الوقت و فى لحظة محدش عامل حسابها بتقع قلة من القلل. القلة بتقع على بالونة كبيرة، كبيرة قوى. و القلة تتدشدش مليون حتة و يطلع منها جحش، أيوه جحش صغير. الجحش قام مستغرب. فتّح عينيه على البالونة ملقاش القلة. صحيح بالونة غريبة جداً إزاى تقع عليها قلة و تتكسر؟ بس متستغربوش الحكاية لسه مليانة غرايب أكتر من كده.
الجحش زيه زى أى جحش فوق البالونة لسه صغير يدوب بيحبى على رجليه الأربعة. كل شوية تقع قلة من على ضهر الجمل و تنكسر و يطلع منها جحش صغير، يستغرب و يحبى، يحبى و يستغرب.

بس الجحش ده غير أى جحش فوق البالونة، كان دايماً ينام و يحلم فى حلم غريب قوى. كان بيتمشى فوق البالونة فى يوم كده و لقى غزالة لونها أزرق فيطلع يجرى وراها، بس جحش إيه ده اللى يحصّل غزالة زرقا؟ حتى لو كان جحش قلل. المهم الغزالة طلعت فوق الشجرة عشان الجحش أكيد مش هيعرف يطلع وراها. و بعدين رقدت فى عشة قش مليانة بيض أزرق. و طبعاً الجحش قاعد تحت مستنى الغزالة و الغزالة راقدة فوق. لغاية ما البيض فقس و طلعت منه كتاكيت الغزال. الجحش أول ما شاف الكتاكيت فرح و قام يجرى لحد آخر البالونة كان فيه هناك كشك، كشك السعادة. كان الأراجوز واقف يبيع زغاريت للعيال. و الجحش إشترى منه تلاتة كيلو زغزغة و علبتين ضِحْك، واحدة سادة و واحدة بصوت عالى. و رجع يوزع الزغاريت على أهل البالونة و الزغزغة على الكتاكيت و قلب الحلم كله ضحك فى ضحك.

طبعاً حلم غريب، أراجوز إيه اللى يقف فى كشك ده، و من إمتى بيض الغزال كان لونه أزرق؟! و الأغرب إن الحلم ده كان بيتكرر كل يوم لدرجة إن الجحش إبتدى يتهيأله إن حلمه ده هيتحقق.
كبر الجحش شوية و بقى يقف على رجليه الأربعة و يمشى و يلعب، زيه زى أى جحش فى سنّه. بس أهم حاجة إن مفيش قلة تقع فوق دماغه. و عمره ما نسى حلمه الغريب و بقى نفسه يفتح كشك زغاريت و يشوف غزالة زرقا.

إبتدى الجحش يجوع فكان لازم يشتغل عشان ياكل، طبعاً كل الجحوش فوق البالونة ملهومش غير شغلانة واحدة، يلمّوا فرافيت القلل من فوق البالونة و يشيلوها فوق ضهرهم لغاية مصنع فرافيت القلل اللى جنب البلف بتاع البالونة. تلاقى الجحش من دول طول اليوم ماشى يلمّ فرافيت القلل على ضهره و آخر اليوم واقف فى طابور البلف قدام الجمل، يدّيله فرافيت القلل، يوزنها و ياخد بنفس الوزن عصير بقدونس و سلطة جرجير.

كانت الجحوش عايشه فى كراتين، كل جحش يروّح باليل لكرتونته ياكل سلطة الجرجير و يشرب العصير قبل ما ينام. و يصحوا الصبح ينزلوا من الكراتين عالشغل دغرى، أصل لمّ الفرافيت ده مش سهل، يعنى مش كل شوية تنكسر قلة فوق البالونة، و بعدين القلة اللى تنكسر وراها جحش عايز ياكل! شرب البقدونس و أكل الجرجير مرّ فى البالونة دى. عيشة ملل فعلاً، مفهاش حاجة تستاهل غير حلم باليل و هو نايم جوه الكرتونة.

و تمر الأيام و الليالى و الجحش بيعدّ القلل و يلم الفرافيت. قلة ورا قلة الجحش كبر و بقى حمار. أخطر حاجة على البالونة لما السما بتمطر، تلاقى الدنيا غيمت و الجحوش كلها جريت على كراتينها و السما فجأة تمطر دبابيس. أكيد محدش بيحب الدبابيس، لو دبوس نزل على جحش من دول ممكن تجيله أنفلونزا بس ربنا بيستر. و لو دبوس خبط جامد فى البالونة الله أعلم ممكن تفرقع! و محدش عارف إيه مصير القلل بعد كده و برضه ربنا بيستر.

و جه اليوم الموعود، كان يوم غير كل يوم، الحمار صحى من النوم و طلع من الكرتونة لقى السما مليانة جمال طايرة بترفرف و القلل بتقع تتدشدش على البالونة زى الدبابيس. الحمار قلق و طلع يجرى يشوف إيه الموضوع. محدش بيعبره، كله عمّال يلم الفرافيت، كله همه على أكل عيشه، محدش فكر يسأل هو فيه إيه. فجأة بص الحمار فى الساعة لقى عقرب الثوانى نط على عقرب الدقايق و لدغه لدغة جامدة، قام عقرب الدقايق إترعب و نزل يجرى فوق البالونة و نزل وراه عقرب الثوانى بسرعة عايز يخلّص عليه و الإتنين سابوا عقرب الساعات لوحده و الساعة وقفت و الزمن وقف فجأة و ظهرت الغزالة.

كانت الغزالة الزرقا زى الحلم بالظبط، بس كانت لابسة طرحة حمرا و محبوسة فى كورة تلج. شافها الحمار إتجنن، طلّع شاكوش من الشنطة بتاعته و قعد يخبط على الكورة بيحاول يكسرها، بس مفيش فايدة و الغزالة من جوه بتبص عليه و مش بتعبره و لفت الطرحة الحمرا على وشها عشان ميشوفهاش. إبتدت الكورة التلج تتدحرج على البالونة و الحمار يجرى وراها عايز يكسرها مش عارف. لحد ما وصلت الكورة عند كشك السعادة كان الأراجوز واقف يعيط، شكله مخضوض من اللى بيحصل اليوم ده. حاول الحمار يشترى منه زغاريت ملقاش عنده غير صويت و دمعة. العقارب لسه بتجرى ورا بعض و فضلت الكورة التلج تتدحرج و الحمار يدق عليها و الغزالة مش فى دماغها أصلاً لغاية ما وصلوا للبلف. فى اللحظة ديه السما إبتدت تمطر دبابيس و البالونة طرحت فيونكات. مكانش فيه أى حته الحمار يستخبى فيها، و الدبابيس كلها جت عليه و غرز و هو بيجرى فى الفيونكات.

و هنا بقى فاض بالحمار، لحد إمته هيلم فرافيت القلل و يقف فى طوابير البلف و ياكل جرجير و يجرى ورا الغزال المحبوس فى كور تلج. حتى عقارب الساعة جريت منه و جاله أنفلونزا الدبابيس و بقى كله فيونكات. لأ كده كفاية فعلاً. قام الحمار فى لحظة طيش شد البلف بسنانه بكل قوته. كل شىء طار. الجحوش، القلل، الفرافيت، الكراتين، الأراجوز، الحمار، كورة التلج و ... البالونة.

البالونة طارت و الهوا طار من البالونة و كل حاجة وقعت على الرملة. و وقع الحمار و وقعت جنبه كورة التلج و الكشك وقع إتكسر ميت حتة و الأراجوز بلعته الرملة. الكورة التلج ساحت فوق الرملة السخنة و طلعت منها الغزالة المبلولة و جريت بعيد و جرى وراها الحمار فى الصحرا حاول يلحقها من بعيد شافها واقفة بتحاول تطلع شجرة. جرى عليها و فجأة داس على حاجة، أى، ده عقرب الثوانى عضه فى رجله. قام الحمار رفصه و كمّل لغاية الشجرة، فين الشجرة؟ مفيش شجرة دا كان سراب و لا إيه؟ الشجرة إختفت و الغزالة إختفت و مفيش أى أثر لأى حاجة. رجع الحمار وحيد هايم فى الصحرا مفيش حتى القلل حتى العقارب خانته. فضل قاعد فى الشمس كده لحد ما فى يوم جات الجمال طايرة و خدته لمكان بعيد و حبسته فى قلة سنين طويلة. و فى يوم من الأيام و هو محبوس فى القلة حس إن القلة بتقع و تقع و طاخ إتكسرت القلة فوق بالونة جديدة و إتدشدشت مليون حتة فرافيت و طلع منها الحمار مستغرب و تبدأ سلسلة جديدة من الأحداث المؤسفة.

الاثنين، يوليو ٠٢، ٢٠٠٧

Effective Meeting Tips

Unfortunately this article missed July's Edition of ITWorx Insite Magazine, so I thought I would share it anyways, as I put alot of effort bringing this info together.


Introduction

According to a white paper published in 1998, approximately 11 million meetings occur in the U.S. each and every day. Most professionals attend a total of 61.8 meetings per month and research indicates that over 50 percent of this meeting time is wasted*. Imagine how effective meetings could – not only save precious time but – increase productivity. While some of us never learned how to plan for an effective meeting, but many of us have unconsciously learned the secrets of an effective meeting throughout their experience. Please allow me to share with you what I learned from my wonderful colleagues, managers and clients, as well as a number of research material I prepared for this article.

Agenda

The article consists of thirteen carefully selected tips for highly effective meetings.
The tips are categorized in 3 areas:
Planning the meeting.
Conducting the meeting
Following up the meeting.


Plan for the meeting


Tip #1: To meet or not to meet that is the question.
  • I consider this tip the most important of all. Imagine the time you may save if you can reach your objective without having a meeting. Can it be covered by an E-mail or a phone call? There is no clear objective for the meeting? Call it off.
  • On the other hand, if there is a number of E-mails or Phone Calls going back and forth on the same subject without a resolution, if a topic needs the participation of two or more people to discuss, if a problem requires attention and quick actions to resolve, these are all alerts that you should plan for a meeting.

Only hold a meeting if necessary.

Tip #2: Set Objectives for the meeting.


  • Now that you have a clear Goal for your meeting, start identifying your Meeting Objectives, break them down in clear topics to discuss in your meeting.
  • Prioritize the meeting topics, and define the time you need to tackle each one of them. Make sure that by discussing these topics, you will reach your Goal(s) by the end of the meeting.

The more concrete your meeting objectives, the more focused your agenda will be.

Tip #3: Define Participants and their roles.

  • Now that you defined concrete topics for your meeting's Agenda, it's time now to identify all active participants for each of these topics and make sure that each participant understands his role in the meeting.
  • Make sure that the people you've chosen to serve as Facilitator, Time Keeper, and Note-Taker understand the responsibilities of the assigned roles and are able to assume them.

Invite only those people necessary to achieve the goal(s) of the meeting.


Tip #4: Assign Meeting Preparation.

  • Most meetings would require some sort of preparation, whether it's a set of alternative solutions for a certain problem, statistics, presentations, Investigations, reading some documents, alternative plans and delivery dates for a project.
  • Unless the meeting is a pure brainstorming session, the meeting should focus on presenting and discussing alternative solutions rather than developing them during the meeting, whenever possible.
  • It is also important to distribute any prepared material before the meeting in order to give the other participants enough time to read and understand and have them prepared to discuss in the meeting right away. This should ultimately save meeting's time.
  • As a meeting organizer, it is your responsibility to assign or request any possible meeting preparation required prior to the meeting.
  • If you think some material wouldn’t be ready for the meeting, consider rescheduling the meeting, as the missing material might be necessary to achieve the meeting's Goal(s)

Tip #5: Allocate Time and Space.

  • Make sure to make Meeting Room reservation when necessary.
  • Make sure the room space will fit all participants and will have all required facilities such as projector, whiteboard, PC, Conferencing Set, Network, etc…
  • Do not hesitate to set the meeting time to 45 minutes when you know you don’t need a full hour to go over your meeting agenda.
  • Suggest a convenient meeting time and place for all participants. Avoid Lunch hour, non business hours, and consider time zone differences.
  • Ensure the availability of all participants before sending out the meeting request and respect their possible time constraints.

Tip #6: Provide an Agenda/Material Beforehand.

  • Distribute the meeting Agenda and Materials to all participants early before the meeting.
  • The Agenda should include:
    o Meeting Goals and Objectives.
    o Meeting Topics, in order of priority.
    o Meeting Material prepared by different participants.
    o Meeting Time and Location.
    o Meeting Participants and their roles.

Think of the Agenda as a project plan for your meeting.

Conduct the Meeting


Tip #7: Start/Stop Meeting on Time.

  • Always start the Meeting on time, to show respect for all participants who arrive on time. Remember that time wasted at meetings is multiplied by the number of participants engaged in the meeting.
  • Avoid repeating topics for participants who show up late in the meeting. You may brief them though on the conclusions of the previously discussed topics.
  • If the meeting is completed before the time allocated for it, do not hesitate to end it.
  • If the allocated meeting time is over and you are not done with the items on your agenda, suggest to the participants either to extend the meeting time if possible, or suggest another meeting time to resume the discussion.

Tip #8: Lead the Meeting – Facilitator Role.

The Facilitator is the meeting's leader, and he's responsible for the following:

  • Covering each agenda item in order.
  • Encourage full participation by all members.
  • Bring each discussion to a closure with a clear conclusion, or action that everyone agrees to and understands.
  • Conclude the meeting.

Tip #9: Manage Meeting Time – Time Keeper Role.

  • The Time Keeper helps the meeting group keep on track with the timing of the agenda. The facilitator can assume the Time Keeper Role.
  • When the time allocated for a certain topic is about to finish or the group deviates from the Meeting's agenda, the Time Keeper should warn the group or the facilitator. This helps keep the meeting achieve its goals within the allocated time.

Tip #10: Record Meeting Notes – Note Taker Role.

  • Note Taker is a person who captures and records the basics of the meeting for a permanent record as well as ensure the distribution of the meeting minutes.
  • Notes should focus on:
    o Decisions
    o Action Items: things that people will do.
    o Open Issues: things to be considered later.
    o Key Discussion points.
  • As well as include:
    o Date, time, and location of the meeting.
    o List of Participants, their roles, and presence/absence.
    o Agenda.

Tip #11: Conclude the meeting.

  • End the meeting on time, even if it starts late.
  • Summarize the Main points, Decisions, Actions, and Assignments.
  • Sketch the Agenda for the Next Meeting – if any.
  • Express Appreciation. Thank any participants who made preparations or had active roles during the meeting. Thank anyone assigned a task, as well as the rest of the participants.
  • Evaluate the meeting. Ask participants to evaluate the meeting. This is a key to an ongoing improvement of your meetings to make them more effective.


Follow up the meeting

Tip #12: Distribute the meeting's minutes.

  • Send Meeting Notes shortly after the meeting, no later than 24 hours.
  • Make sure that Meeting Notes are well documented, archived, and distributed to all participants and any other interested parties.

Tip #13: Follow up on actions.

  • Keep following up on Meeting's action items, in order to support your meeting's Goals.
  • Keep all stakeholders informed of progress on the action items. When you get the final results, get a summary report out to all stakeholders.

References

الثلاثاء، يونيو ١٢، ٢٠٠٧

لمن لا يهمه الأمر - 2


مشمش، لدى عودتى من العمل فى الحادية عشر مساءاً، سمعت من يهتف بإسمى، إنه أونكل حسن. لم أراه من ما يقرب من 15 عام. هو جارنا بالدور الأعلى و كان دائما ما يوبخنى و أصحابى عندما نلعب فى البلكونة أو بير سلم العمارة فى أى وقت من اليوم من العام. أخذنى بالأحضان و القبلات يسأل عن حالى... شعور غريب، جميل و مرعب أيضاً. كما لو كنت طفلاً بالأمس. العمر بيجرى فعلاً.

الناس بتشتغل عشان تعيش مش تعيش عشان تشتغل، يا ريت نطبق المثل ده.

إزاى تطلّع حد من دماغك بعد ما طلعته من حياتك كلها أو بمعنى أصح طلّعت حياتك كلها منه؟

حالتى وفاة فى نطاق العمل فى يوم واحد. كم هو شعور مرعب و قاسى.

صورة للباسبور. أخذت صورة للباسبور بالأمس و شاهدتها - للأسف. فعلاً الواحد عجّز. الأعوام، الإجهاد، المشاكل - كلها تحفر علاماتها على وجه الإنسان.

السينما حرام، موضوع نقاش دار بين مجموعة أصدقاء للأسف لم أحضره، معقولة فيه ناس لسه بتحرّم إصطحاب الشباب الصغير للسينما بدعوى إنها عيب؟ فيه ناس كده؟ فين الوعى؟ إحنا فى عصر يجب أن نعلم أبنائنا الإختيار الصحيح و نتركهم يختارون. دور الأهل يجب أن يكون دور توجيهى فقط. لأن المنع فى حد ذاته ليس وسيلة للتربية بل هو وسيلة للكبت و الدعوة للتمرد. إنصحه و إتركه يختار! فهو سيفعل ما يشاء.

جددت الباسبور فى 2007 و عندما كنت أشاهد المعاملة الغير آدمية للإنسان فى حجرة طولها 10 متر و عرضها 2 متر و يحتبس بها حوالى 100 شخص ليقوموا بمشاوير متعلقة بجواز السفر، كنت أفكر، بعد 7 سنوات عندما أجدد هذا الباسبور فى 2014 ماذا يكون الوضع؟

أصدقاء الطفولة، للمرة العاشرة أو أكثر، حدث نفس الموقف، أسير فى الشارع، أرى صديقاً لم أره من 4 سنوات مثلاُ، معه زوجة جميلة - لم أرها من قبل - و طفل، زى القمر عمره 3 سنوات يحمل ملامحه و ملامحها. شعور غريب لكن قوى جداً. و يؤكد، العمر فعلاً بيجرى !

الناموس، بجد مش عارف أنام منه، عايز صاعق كهربائى للناموس أو ليا.

قعده جميله مع صديق جميل على ستاربكس، يا ريت نكررها يا صاحبى.

دخلنا سينما و طلعنا منها نشترى شكولاته غالية قوى من المول، حد يفسر الحلم ده؟

شاهدت فيلم جعلتنى مجرماً لأحمد حلمى، فعلاً الراجل ده ظاهرة، 3 أفلام ناجحة فى سنة واحدة، ظرف طارق، جعلتنى مجرماً و مطب صناعى. أكثرها ضحكاً هو مطب صناعى - يمكن عشان مايكل كان قاعد جنبى مش بيبطل ضحك، و أكثرها تأثيراً هو ظرف طارق - يمكن عشان قصته بتلمس وتر حساس عندى.


سأعود الآن للساقية، سلام.

الثلاثاء، يونيو ٠٥، ٢٠٠٧

الكعب للقفا كلاكيت تانى مرة

نشرت قصة الكعب للقفا من زمان هنا
و نشرتها مرة أخرى عند الصديقة برايد هنا
عاصفة جميلة من التعليقات الخفيفة، إحنا شعب نكتة صحيح :)
المهم بهذه المناسبة و عشان محدش يستغرب أنا مش أول واحد يتكلم فى المواضيع دى، أهدى لكم هذا الفيديو عن القفا من فيلم الكيف:

القلب منك مليان جفا و الصبر من قلبى إتنفى
و ضاع معاه كل الصفا ضيعته بعندك يا قفا
آه يا قفا يا قفا
بحبك يا ستمونى مهما الناس لامونى :)
و هذه الأغنية البيئية عن الكعب - بإسم كعبو كعبو - بأسفل هذه الصفحة
دخل الجنينة و دخلت معاه،
أكل التفاحة و أكلت معاه
الحب جميل قوى قوى محلاه
يا كعبو كعبو......

الأربعاء، مايو ٣٠، ٢٠٠٧

اللقاء الثانى


هذه القصة مركبة نوعاً ما و طويلة نوعاً ما و تحتاج إلى تركيز فأعذرونى :)
بقلم ميشيل حبيب.
للمشاهدين من FaceBook يرجى القراءة من موقع البلوج أفضل هنا
إضغط هذه العلامة لتحميل الموسيقى

الزمان: صيف 1986
المكان: عروس البحر المتوسط

خلا كورنيش البحر من المارة تقريباً نظراً لإقتراب إمتحانات الثانوية العامة. كانت الساعة تقترب من الثانية ظهراً حينما مر شادى و ميريام من أمام كازينو بسترودس، أحد علامات شاطىء جليم. لم يتوقفا عنده لكنهما إستمرا فى طريقهما لشاطىء ستانلى و نزلا أمام الكبائن المطلة على البحر مباشرة. خلعت ميريام صندلها الأبيض الذى بدأ نعله يذوب و لونه ينطفىء. أفلتت يدها من يد شادى و جرت بدون أى كلفة على الرمال الساخنة فى إتجاه المياه. رفعت فستانها الأزرق قليلاً حتى لا يبتل كثيراً و توقفت لحظة ثم قذفت بحقيبة يدها الكبيرة إلى شادى و مضت لتدفن قدميها فى المياه. تحسست المياه الصافية بيديها ثم نظرت إلى الخلف لتجد شادى و قد توقف بعيداً عن المياه عاقداً ساعديه و حاجبيه. إبتسمت إبتسامة شقية و هزت كتفيها ثم بدأت ترشه بالمياه حتى لا يبقى هكذا فى مكانه. أخفى شادى وجهه بحقيبتها فى إنزعاج ثم أسرع بخلع حذائه و إنطلق تجاهها فتوقفت عن رش المياه و مدت له يدها. أمسك شادى بيد ميريام و أحاط كتفيها بيده الأخرى و نظرا ساهمين إلى البحر و أمواجه الرتيبة التى كانت تعلو و تعلو ثم تنتهى عند أقدامهما العارية.

جلسا قليلاً فوق الرمال لكى يرتاحا فقد إعتادا أن يمشيان على الكورنيش لساعات طويلة حتى الغروب فى أيام العطلة. لم يسلما من بائعى المياه الغازية و المصورين الذين لا يجدون زبائن كافين فى هذا الوقت من العام. فتارة يستسلم شادى لهم لكى يبقيهم بعيداً و تارة يخرج لهم جيوبه حتى يعلمون أنه ليس لديه أى مال فى هذا اليوم.
مرّ بائع الفرسكا سريعاً فقامت ميريام مسرعة إليه كالأطفال و إستوقفته فهى تعشق الفرسكا المقرمشة الممتلئة بالعسل بين طبقاتها الرفيعة. ثم عادت إلى شادى و أعطته 6 قطع من الفرسكا و جلست مرة أخرى بجواره. مدت يدها لتأخذ واحدة و تأكلها. أخذ شادى ينظر إليها و هو يأكل الفرسكا فقد أحس بطعم الرمال فيها فأشارت ميريام إلى يديها التى ملأها الرمال و هزت كتفيها ضاحكة و هى تنفض يديها. يحمل الهواء الرمال إلى عيون شادى فيطقطق بفمه و يغمض عينيه فى شدة فتمسحهما بأصابعها التى مازالت بها أثار الرمال فيغمضهما أكثر حتى تسيل دمعة أو إثنتان. لا تدرى هل هى من الألم أو الفرحة لكنك تعلم أن هالة من الحب تملأ هذا المكان.
تلتهم ميريام آخر قطعة من الفرسكا و تتذمر فهى جائعة للغاية. يقف شادى و يأخذ بيدها، يرتديان أحذيتهما عند إحدى الكبائن ثم ينطلقان مرة أخرى على الكورنيش.

يتوقفان عند كازينو سان جيوفانى، هذا الكازينو الأرستقراطى العتيق الذى يقع مباشرة على شاطىء ستانلى. ينظران نظرة مطولة إلى الداخل، يبتسم لهم الحارس و يفتح لهم الباب الزجاجى مرحباً بهم. تتردد ميريام فى شدة و تنظر إلى شادى الذى ينقل نظره بينها و بين الحارس ثم يبتسم داعياً إياها إلى الدخول. تقف ميريام عاجزة عن الحركة فيدفعها شادى إلى الأمام قائلاً: ليديز فيرست. تدخل ميريام إلى قاعة الكازينو الداخلية و يتبعها شادى. تنظر إلى ديكورات المكان الشديدة الأناقة ثم تنظر إلى شادى فى قلق فيطمئنها مشيراً إلى حافظته فى ثقة. يتسع وجهها بإبتسامة صافية و تتجه إلى الداخل. يقابلهما نادلاً يرتدى سترة سوداء أنيقة و بابيون. تشير هى إلى منضدة بعيدة ترى البحر مباشرة، فيتحرك الجميع إليها. يناولهما النادل القائمة فى أدب جم كما لو كان يعتذر عن ذنب ما ثم ينصرف بإبتسامة عريضة.

تنظر ميريام إلى أصناف الأكل فى لهفة بينما ينظر شادى إلى الأسعار فى رعب. لكنه كان قد إدخر بعض المال لهذا اليوم الهام، كل ما فى الأمر إنه لم يتعود مثل هذه الأماكن الراقية. تتهادى موسيقى جميلة إلى أذانهما من مكان قريب. إنها أجمل من أن تكون مسجّلة. تتنقل ميريام بعينيها حتى تقع على عازف البيانو الذى يجلس أمام بيانو جميل بقرب مدخل القاعة. أخذت تشير لشادى بيديها إليه فى شكل ملفت حتى جذبا أنظار رواد الكازينو. إنكمشت ميريام فى كرسيها فى خجل بينما رفع شادى عينيه عن القائمة إلى وجهها فى عشق واضح. كم يعشق تلقائيتها الشديدة و حماسها للحياة المتجدد كل يوم برغم كل ما يمروا به من مشاكل. إن تفاؤلها الشديد يملأ حياته بالأمل دائماً. بدأت هى تخمن الموسيقى التى تسمعها، إنها بالطبع إحدى روائع عمر خيرت لكنها لا تدرى أيهم. هى تصر إنها موسيقى خلى بالك من عقلك بينما هو يصر إنها موسيقى قضية عم أحمد. إنها تستمتع بها أياً كانت. أخرجت شيئاً ما من حقيبتها، ما هذا؟ سألها شادى فى فضول. إتسعت إبتسامتها الجميلة الصافية و هى تقول له كل سنة و هو طيب. لقد كانا معاً لمدة سنة بالتمام و الكمال. أمسك شادى بيديها و قبّلها ثم تناول الهدية من بين يديها و فتحها ليجد أجندة بها مفتاحين و قفل صغير. ما هذه الأجندة؟ قال شادى فى دهشة و هو يفتح القفل الصغير.لم تقل شيئاً بل دفنت وجهها فى القائمة فبدأ شادى يتصفحها، لقد إمتلأت صفحاتها بالكثير و الكثيرمن الكلام بخط منمق جميل، هناك قصاصات من أشياء، صور، تذاكر و غيرها...
فتح الصفحة الأولى و أخذ يقرأ بصوت تكاد تسمعه هى:
حبيبى الغالى، منذ عرفتك بدأت أكتب خواطرى، كل يوم يمر، كل ليلة قبل أن أغمض عيناى، أتذكر الكثير من المشاعر و الذكريات الجميلة التى أخاف أن أنام يوماً ما و أنساها. لذا أدونها هنا فى هذه الأجندة و أقرأها عندما أشتاق إليك. ستجد هنا ذكرى لقائنا الأول، تذاكر أول فيلم شاهدناه سوياً ، أول صورة لنا، يوم خطوبتنا، رحلاتنا الجميلة و حتى نزهاتنا الطويلة للغاية على الكورنيش. ذكرى كل يوم جميل قضيناه سوياً و كل ليلة طويلة قضيتها بدون أن أتحدث إليك. حبيبى عام مضى و 365 ذكرى كتبتها و مشاعر كثيرة لم أستطع أن أقولها لكنى كتبتها هنا. ستجد مفتاحان لهذا القفل الصغير. من فضلك إعطنى أحدهم و إبق الآخر معك. إن هذه الأجندة ستبقى شاهداً على حبنا الذى سيبقى أبداً خالداً. إنى لا أطيق صبراُ لكى أتصفح هذه الذكريات معك بعد عشرون عاماً من الآن، فى نفس المكان الجميل الذى أعلم إنك ستأخذنى إليه اليوم إحتفالاً بهذه المناسبة.
لم يقل شادى شيئاً لفترة من الوقت ثم نظر إلى ميريام و قال لها:
- إن هذه هى أغلى هدية فى حياتى لا يفوقها سواك، كم أود لو أضمك الآن بين يدى.
أخفت ميريام وجهها مرة أخرى بين صفحات القائمة فى خجل و رفعت عينيها قليلاً عن القائمة و إبتسمت، لم تقل شيئاً لكنها كانت سعيدة، فهى تجد فى شادى كل ما تتمنى، متأكدة إنه سوف يملأ حياتها إلى النهاية. هو يحبها كثيراً، شديد الطموح و الأدب و متحمل لمسئوليات كثيرة. إنه غاية ما تتمناه فتاة بسيطة الأحلام مثلها.
مرت ساعة و قد قاربا على الإنتهاء من غذائهما، نظر شادى إلى الأطباق الفارغة و قال لها فى جدية:
- ميريام، هناك موضوع ما أود التحدث فيه إليك مرة أخيرة.
- خيراً؟
سكت شادى قليلاً فأشاحت ميريام بوجهها نحو البحر. قال شادى:
- أنا أعلم رأيك به جيداً لقد تحدثنا فيه كثيراً و لكنى أعرف تماماً ما هو الصالح لنا.
- بل الصالح لك أنت.
- أنت تعلمين كم هو صعب أن نبدأ حياتنا هنا، فأنا بالكاد أدخر ما يكفى لمصاريفنا.
- لكنى سأبقى بجانبك هنا، سأكون معك دائماً لأشجعك و أدفعك للأمام.
- أنا لا أرى لنا مستقبلاً هنا، إن فرصتنا لحياة كريمة و سهلة بالخارج أفضل بكثير من هنا.
- لكننا سنبتعد عن أهلنا و أصدقائنا و أماكننا المفضلة، هل نضحى بكل ذلك؟
- و ما فائدة ذلك كله بدون بيت واسع جميل و عمل مناسب و حياة كريمة و مستقرة فى أمان؟
- لقد خلقت الحياة لكى نتعب بها و نشعر بقيمة عملنا و عرقنا.
- لكنى لدى طموح كبير فى عملى و لدى طموح أكبر لبيتى و أبنائى.
- تقصد بيتنا و أبنائنا!
- (فى حرج) نعم هو كذلك.
- هل ترضى لأبنائنا أن يكبروا فى بلاد غريبة فى مجتمع غريب؟ سيتعبون كثيراً فهم لن يستطيعوا أن يندمجوا مع ثقافتين متضادتين. إما سيصبحون مثلهم، غرباء عنا تماماً، أو مثلنا، غرباء عنهم تماماً. و فى الحالتين سيعانون الكثير أو سنعانى نحن الكثير.
- إذن فلأذهب وحدى، هل ستنتظرينى؟
- و هل ستعود أنت؟
- ينبغى أنت تأتى أنت و تشاهدى، فكل شىء هناك جميل.
- هل ذهبت أنت من قبل؟
- الجميع يحكون.
- إنهم يتعبون كثيراً.
- و ينالون ما يقصدون.
- لكنهم لا يرجعون، أنا لا أتصور الحياة بعيداً عن كل ما أحببت.
- إذن لن تتركينى أذهب وحدى؟
- لم لا تعطينا فرصة هنا أولاً و سأكون معك فى كل خطوة.
- لكن طموحى بالفعل أكبر من ذلك بكثير.
- لكن كل ما أريده هو أنت، إن أحلامى أبسط من ذلك بكثير بل إن أحلامى هى بين يدى بالفعل الآن.
- إذن تعالى معى.
- هل طموحك أهم منا؟ هل تعلم ما يحدث للسمكة إن أخرجتها من الماء؟ أنا لا أستطيع العيش بعيداً عن حياتى هنا طالما إستطعت البقاء و الكفاح فيها.
- هل هذا هو قرارك الأخير؟
- هل هذا هو قرارك أنت الأخير؟


أطرق شادى برأسه فى الأرض ثم نظر إلى وجهها فوجدها تبكى فى هدوء. عيونها تلمع و دموعها تسيل على وجنتيها. دفن شادى يديه بين كفيه لمدة طويلة، إنه فى صراع عنيف، بين حلم جميل فى يديه و حلم آخر يسعى إليه. عليه أن يختار ما سوف يجعلهما سعيدان. إن كل إختيار منهم سيرسم ملامح مختلفة لحياته كلها. هل يضحى بطموح عمره ؟ هل سيستطيع أن يجعلها سعيدة؟ ربما نعم، ربما لا. هل سيكون هو سعيداً؟ لا يعلم. هى طموحها بسيط لكنه جميل. هل يضحى بحبيبته؟ هل سيجعله نجاحه بالخارج سعيداً؟ هل يجد حبيبته من جديد إن تركها الآن؟ لا يعلم. لم يكن الإختيار بسيطاً لكنه كان قد حدد إختياره مسبقاً قبل هذا اليوم.

لم يعد يسمع صوتها، لم يعد يسمع صوت الموسيقى، بدأ يشعر بالبرودة قليلاً و شعر أيضاً بالظلام من حوله. رفع شادى يديه من أمام عينيه و نظر فلم يجدها أمامه. لكنه وجد نادلاً يسأله بأدب:
- هل تشرب شيئاً يا باشا؟
لقد تغير كل شىء من حوله تماماً، لقد إختفت ميريام، لقد إختفت الشمس تماماً و حل محلها الظلام. لم يعد الوقت نهاراً صيفاً بل صار ليلاً شتاءاً. نظر شادى من خلال النافذة. رباه لقد تغير كل شىء من حوله. لم تعد هناك أى من الكبائن، لقد تم إزالتها جميعاً. يستطيع أن يرى كوبرى ستانلى الجديد الذى يمتد فوق المياه، تحمل معالمه نفس معالم كوبرى المنتزه الشهير. من داخل الكازينو ترى أضواء الكشافات الملونة تضىء أسفل الكوبرى بألوان متعددة ترسم لوحة فنية جميلة مع أمواج البحر الهائجة. نظر شادى حوله لم يتغير الكازينو نفسه كثيراً، مازال كل شىء كما هو، محتفظاً برونقه و أناقته و عبق ذكرياته.

سمع صوتاً ينقر على الزجاج نظر إليه فوجد أمطاراً غزيرة تحجب الرؤية. أطال النظر فى النافذة فوجد إنعكاس صورته على الزجاج، كم من سنوات طويلة مريرة نالت منه، لقد خط الشيب فوديه و رسم الزمن خطوطه على وجهه و جبينه. أكثر من عشرين عاماً مضت على لقائه بميريام، لقد كان لقائه الأخير بها. رفضت هى مقابلته بعد هذا اليوم. لم تكن تعلم إن أوراقه جاهزة للسفر. سافر هو يسعى لتحقيق حلمه لم يضع لحظة واحدة. كيف ضحى بحبها له؟ كيف تركها بهذه السهولة؟ لا يدرى. كما لو كان حلماً بعيداً و قد إنطمست معالمه كلها. لقد توالت الأحداث سريعاً بعدها. حقاً كما يقولون إن الغربة تسرق العمر. لقد سعى للماجيستير و الدكتوراه و فترات طويلة من العمل لكى ينهي مصاريف دراسته. طالما فكر بها، ماذا فعلت بعده؟ هل مازالت تذكره؟ هل تزوجت؟ لم يكن مستعداً بعد للعودة فهو لم يدخر مالاً بعد كل سنوات الدراسة هذه. كما لم يكن لديه فرصة ليقابل فتاة مناسبة. لقد سخّر كل وقته للدراسة، كما لو كانت هى سبيله لنسيان حبيبته. كلما تعرّف إلى أحد، صار يقارن بينهما و كانت الغلبة دائماً لها وحدها. لم يجد روحاً بهذا النقاء، لم يجد أحداً يحبه كل هذا الحب. هل ينتقم القدر منه؟ إذن ليترك الأمر برمته للقدر. لقد مضى يعمل سنين طويلة للغاية و نال كل ما طمح إليه من نجاح علمى و عملى و صار لديه منزلاً رائعاً و سيارة تخلب الألباب. صار الجميع يقدرونه و يحترمونه لكنه أحس أن أهم ما يحتاجه ينقصه. إنه برغم كل ذلك ليس سعيداً. لقد علمته الحياة أنه يجب أن يضحى بشىء ليحصل على شىء آخر كما علمته أن الإنسان مهما نجح و نال فى حياته فهو لا يرضى بما له. بل دائماً يريد المزيد. لكنه بالفعل كان لا يستطيع تذوق حلاوة نجاحه بدون مشاركتها هى وحدها له. هنا فقط أدرك إنه لا فائدة من كل ما يعمله، هنا فقط بدأ يحس بالتعب و الإحتياج إلى الراحة و التوقف حتى يحدد ماذا يريد أن يفعل.

الزمان: شتاء 2007
المكان: عروس البحر المتوسط

لم تمض عليه بضعة أيام حتى كان فى الإسكندرية. لم يسأل عنها و لم يقل له أحد شيئاً. كانت زيارته الأولى من عشرين عاماً. توجه فى تلك الليلة الممطرة إلى ذات الكازينو حيث جلس يسترجع ذكريات لقاء آخر يوم بينهما و كانت بيده تلك الأجندة يتصفحها. دفن وجهه بين كفيه يستعيد ذكرى هذا اليوم كما لو كان بالأمس و قد عاونته الأجندة على تذكر أدق التفاصيل حتى سمع صوت النادل فجأة يكرر مرة أخرى فى أدب:
- هل يأمر الباشا بشىء؟
- شوكولاتة ساخنة من فضلك.
نظر شادى بعيداً إلى أحد الأركان التى يفصله عنها الزجاج فرأى عائلة صغيرة تتجاذب أطراف الحديث. كانوا ثلاثة أفراد، يبدون فرحين، يحتفلون بمناسبة ما فهناك كعكة ما و شموع كثيرة. الرجل يشبهه كثيراً لكنه ليس هو. فالرجل أرفع كثيراً و ثيابه أقل أناقة منه و يبدو عليه الهزال و التعب، لكنه يبدو أكثر سعادة. عجباً إنه بالفعل يحمل ملامح تشبهه إلى حد كبير. أما عن السيدة فظهرها له، شعرها رمادى و ترتدى فستاناً أسود اللون، ليس أنيقاً لكنه يليق بها و يبدو كما لو كان مفصلاً لها. تتحرك فى خفة أثناء كلامها فتبدو عليها الحيوية. أما عن الفتاة، فهو لا يراها، السيدة تحجبها تماماً. ظل شادى يراقبهم من بعيد و لا يدرى لماذا شغف بهم. قامت السيدة و مضت بعيداً، إنه يرى الفتاة بوضوح، إنها ليست فتاة، إنها ميريام، نعم إنها هى، لم تتغير مطلقاً. بالطبع غيرّت طريقة تصفيف شعرها، لكنها هى، وجهها الجميل، ضحكتها الصافية، لا يسمعها عبر الزجاج لكنه يراها. حتى طريقتها فى هز أكتافها من حين لآخر لم تتغير. و من هذا الرجل الذى تحدثه بكل إهتمام ؟ هل ينهض الآن ليتحدث معها؟ لا، لقد حصل بطريقة ما على رقمها من عدة أيام، فليتصل بها. رفع هاتفه و طلب رقمها لعلها ترد. هناك ما يجذب إنتباهها بالفعل، إنها تبحث عن شىء ما فوق المنضدة، وجدته بعيداً أمامها، إنها ترد الآن، يسمع صوتها تقول:
- ألو
- ألو ميريام؟
- نعم، من المتحدث؟
- أنا شادى، ألا تذكرى صوتى؟
- عفواً لا أتذكر لكن صوتك مألوف و إسمك يشبه إسم شخص قريب لى.
قامت ميريام من مقعدها و إتجهت بالقرب من الزجاج فرآها بوضوح أكثر، دقّ قلبه بشدة. لقد فجرّت رؤيته لها كل مشاعره التى باتت مدفونة طوال عشرين عاماً. إنه لغريب أن الزمن لم يمسّها بعلاماته كما فعل به. إنها تبدو كما لو كانت نفس الفتاة التى تركها من عشرين عاماً.
- ربما الزمن قد أنساكى فلم نتحدث من عشرين عاماً
ضحكت ميريام ضحكة صافية و قالت:
- لم أكن أعيش من عشرين عاماً بعد.
- لكى كل الحق أن تمحى كل ذكرى لى بعد ما حدث بيننا فأنا لم أكن أعيش طوال العشرين عاماً الماضية بسبب ما حدث.
توقفت الفتاة عن الحديث و بدأت تتوترمن كلامه فقال:
- إنتظرى أرجوكى إسمعى كلامى فأنا إنتظرت عشرين عاماً لأقول لك هذا الكلام.
رأت ميريام شادى و هو يشير إليها من خلال الزجاج فتسمّرت فى مكانها لكنها لم تغلق الخط.
ألصق شادى يده بالزجاج و واصل كلامه عبر الهاتف، فلم يكن يجرؤ أن يحدثها وجهاً لوجه:
- لقد أضعت عمرى أبحث عن السعادة فى المكان الخطأ و كثيراً ما راودتنى أحلام تجمعنا فى بيت صغير و أسرة جميلة. ربما ليس لدينا قصراً عظيماً أو سيارة كبيرة فى هذا الحلم لكننا سعداء.
إقتربت ميريام أكثر من الزجاج و لامست يديها الزجاج الفاصل بين يديهما و شادى يواصل:
- فى هذا الحلم ربما لم أحصل على لقب دكتور و ليس لدى أموالاً طائلة لكن وجودك بجانبى يعطينى الدافع و الثقة كل يوم لأواصله برضاء شديد.
- أنظرى إلى الآن. إنى مستعد لأن أضحى بكل ما لى من أموال و مناصب و ألقاب و عقارات لكى أحظى بلمسة حب و إهتمام من يديك. فهل تقبلى هذا؟
لم تنطق ميريام بشىء بل سالت دموعها على الزجاج. و جاءت السيدة ذات الشعر الرمادى، الآن فقط يراها و بدا وجهها مألوف إلى حد رهيب. رأى إسمه على شفتيها، أخذت الهاتف من الفتاة و قالت:
- شادى، ماذا تفعل هنا؟
نقل شادى نظره بينهما و بين الرجل الذى كان جالساً لقد إختفى الآن! ألقى شادى هاتفه و جرى بعيداً إلى الخارج و هو يصرخ:
- أنا لا أفهم شيئاً أنا لا أفهم شيئاً.

فجأة أظلمت الدنيا أمامه و لم يعد يرى شيئاً أو يفهم شيئاً فأخذ يصرخ فى شدة لكن صراخه لم يتجاوز حلقه حتى صحا فجأة من النوم لقد كان كابوساً مخيفاً. كان الظلام حالكاً فأضاء نور الأباجورة. أدار الكاسيت الصغير بجواره ليسمع أنغام عمر خيرت ثم أخرج من الكومودينو أجندة و فتح قفلها بمفتاح صغير و أخذ يكتب فيها:
اليوم إحتفلنا أنا وميريام بعيد ميلاد إبنتنا العشرين فى نفس المكان الذى أخذت فيه أهم قرارات حياتى ألا و هو إختيار حبيبتى ميريام و التضحية بحلم الهجرة للخارج. اليوم فقط أدركت أننى لم أضحى بالكثير، فوجودى بجوار زوجتى الحبيبة و إبنتنا ميريام الصغيرة التى تشبهها إلى حد عجيب جعل منى شخصاً أفضل بل أسعد مخلوقات هذا الكوكب التعيس فيكفى أنك يا حبيبتى مازلت تحبينى بعد كل هذه الأعوام. إنى سعيد للغاية.

أغلق شادى أجندته و أطفأ الأباجورة ثم قبّل زوجته فوق شعرها الرمادى و أسند رأسه على يدها و راح فى سبات عميق.

السبت، مايو ١٢، ٢٠٠٧

وردة حمرا


قصة قصيرة بقلم ميشيل حبيب

إقتربت الساعة من السادسة صباحاً فى تلك البقعة الراقية من الإسكندرية. كان هناك عدداً من الفيلات التى تملأ هذا الشارع. السيارات الفاخرة و الأشجار العالية تطل من خلف أسوارها و بواباتها السوداء. بعض من الحراس يقضون معظم وقتهم بجوار تلك البوابات يتفحصون كل من يقترب من أبوابهم، و قد تسمع كلاب الحراسة تزوم محذرة أى إنسان تسول له نفسه أن يفكر فى المرور بجوار أسوارهم. بدأت بعض الطيور التى تعيش فى حدائق هذه الفيلات تصحو من نومها فتسمع صوت إحداها كل بضعة دقائق لكنك تكاد تجزم إنه ما من إنسان قد صحا بعد فى المنطقة بأسرها.

قطع سكون هذا الشارع فجأة صوت دراجة نارية آتية من بعيد بسرعة عالية. كانت الدراجة سوداء عالية من نوع هارلى و يقودها رجل متوسط الحجم يرتدى خوذة واقية تخفى وجهه تماماً. بدأ بعض حراس الفيلات يتململون فى نومهم بينما توقفت الدراجة بحدة أمام إحدى الفيلات فى منتصف الشارع مواجهة البوابة السوداء. أخرج الرجل من سترته الجلدية شيئاً ما و قذفه بشدة و دقة فى إتجاه أحد شرفات الفيلا. ثم إنتظر بضع ثوان حتى أضاء نور هذه الشرفة، ثم عاد إلى دراجته و إنطلق مجدداً من حيث أتى. فتحت فتاة ما باب الشرفة فى سرعة و نظرت بعيداً لترى الدراجة النارية تمضى إلى نهاية الشارع بينما نظر الرجل إليها للحظة ثم أعاد نظره للطريق و أدار مقود الدراجة مسرعاً خارج الشارع.

كانت الفتاة و تدعى سارة ترتدى ملابس ثقيلة للغاية و تغطى جسدها كله حتى رأسها – خوفاً من برودة الهواء فى هذا الوقت من النهار. نظرت سارة إلى الشرفة فوجدت وردة بلدية حمراء فى عودها أشواك و مربوطة بحجرصغير فى منتصفها. إلتقطتها فى سرعة ثم عادت إلى الداخل و أغلقت الشرفة بإحكام و أطفأت النور. جلست سارة على فراشها بعد أن خلعت غطاء رأسها و الروب الصوف، ثم شدّت غطاء الفراش عليها و إحتضنته فى قوة.

أضاءت سارة أباجورة بجوار فراشها ثم إلتقطت صورة قديمة لها مع أصدقاء كليتها من عدة سنوات. نقلت نظرها بين الصورة و مرآتها الصغيرة، لقد تغيرت كثيراً عن الماضى. كانت ملامحها رقيقة لكن جسدها هزيل، شعرها ناعم طويل لكن خفيف متساقط، بشرتها بيضاء لكن شاحبة. أعادت سارة الصورة إلى مكانها و فتحت أحد أدراج الكومودينو و أخرجت صندوقاً صغيراً و كتاباً مقدساً وضعتهما بجوارها. إلتقطت سارة الوردة بحرص ثم فكت رباطها فسقطت منها ورقة صغيرة بها حروف قليلة و رقم – 1 بط 5- 7 . قرأت سارة الورقة ثم فتحت كتابها لتقرأ مقطعاً صغيراً منه. أخذت تتأمل قليلاً فيما قرأته و رسمت إبتسامة ضعيفة على شفتيها ثم فتحت الصندوق الصغير الذى يحتوى على قصاصات أوراق كثيرة، وضعت الورقة به و أعادته لمكانه ثم أطفأت النور و إحتضنت الوردة و إستسلمت للنوم مرة أخرى.

كانت الوقت قد إقترب من الظهر عندما صحت سارة من النوم مرة أخرى على صوت صلاة الجمعة فى الجامع القريب من الفيلا. تململت سارة فى فراشها قليلاً و قد تسلل ضوء الشمس لعينيها، لقد فتحت والدتها الشرفة مؤكداً. كانت لا تزال قابضة بيدها على الوردة فنظرت إليها شاردة... ترى من يفعل هذا؟ لقد دأب على إرسال هذه الوردة لها كل يوم جمعة من كل أسبوع فى تمام السادسة صباحاً. لم ينقطع و لا أسبوعاً واحداً و لم يتأخر و لا دقيقة واحدة فى الشهور الستة الماضية. هل هو معجب بها؟ هذا ليس ممكناً لأنه لم يحاول حتى التقرب إليها أو التعرف إليها. إنه يخفى وجهه وراء هذه الخوذة. لم يتوقف مرة، دائماً ينظر لها من وراء زجاج خوذته الداكنة ثم ينطلق فى طريقه. و ماذا عن هذه القصاصات التى يبعث بها، لم تفهم فى البداية معناها لكنها أدركت إن هذه الحروف و الأرقام تشير لآيات. إنها تحتفظ بكل هذه القصاصات، العشرات منها، فى صندوقها الصغير. إنه يخاطبها من خلالها، إنها تشعر بحواره معها، كل آية يشير إليها تعزّى نفسها و تهوّن عليها كربتها. لكن كيف لا يعرفها و لكن يعلم بكربتها و آلامها؟ و لماذا يهتم بها و يهتم لهمّها؟ كيف يتواصل معها هكذا؟ من هو؟

لقد تركها حبيبها و فرّ منها لعدم قدرته على مشاركتها آلامها. لم تحزن هى كثيراً فليس كل إنسان يستطيع أن يحتمل كل هذا. إنها لا تلومه كثيراً. لقد تركت هى أيضاً أصدقاءها فلم تعد تحتمل نظرات الشفقة فى أعينهم. لقد صارت عصبية للغاية فلم يعد يحتملها سوى والدتها و صديقتها الوحيدة المقربة منها التى إحتملت همّها و مزاجها الحاد. فمن هو إذن الذى يهتم كل هذا الإهتمام بإنسانة مثلها فلا يحتملها أحد لماذا يحتملها هو؟ كل هذه الأسئلة دارت فى رأسها و ظهر على وجهها شبح إبتسامة، فبرغم كل ما تمر به لكنها شعرت بشعور غريب لم تشعر به من فترة طويلة، جعلها تنسى للحظة ما تمر به.

لم يكن يوم الجمعة هو أحب الأيام لسارة حيث كان موعدها الأسبوعى للذهاب إلى المستشفى مساءاً لتلقى علاجها. كانت سارة تجلس فى حجرتها بالمستشفى حيث تتلقى علاجها و بجوارها والدتها و طبيبها المعالج.
نظرت سارة إلى وجه الطبيب، هناك شىء ما فى وجه هذا الطبيب مألوفاً لديها، شىء ما فى نظرته، شىء ما فى إبتسامته المعزية تطمئنها. لكنها لم تستطع أبداً أن تكشف هذا السر طوال الشهور الماضية. طالما حدّثها الطبيب عن الأمل فى العلاج. إنه يعلم جيداً إن العلاج الكيميائى الذى يشفيها ببطء هو نفسه يقضى عليها ببطء. إنه يعلم جيداً كم هو مؤلم لجسدها و كم هو مؤلم لروحها. و مع ذلك لا يكف عن الحديث عن الأمل، لا يكف عن الحديث عن الأبحاث التى أثبتت أن الحب و الأمل وحدهما قد يقضيان على المرض. أحياناً كانت تشعر أن الطبيب هو الشخص الغامض وراء الورود الحمراء لأنها بدأت تتلقاها مع بداية العلاج من شهور كثيرة، لكنها تعلم أنه ليس هو، فهو متزوج و لديه أولاد فى مثل سنها أو أكبر و حديث الممرضات عنه يدل على كونه رجلاً مثالياً.
أغمضت سارة عينيها بينما تدفق العلاج فى عروقها و تدفقت كلمات الطبيب فى أذنيها بينما أمسكت والدتها بيدها الأخرى فى حنان. أخذت تفكرهل يمكن بالفعل أن يقضى الحب على المرض؟

مضى الأسبوع فى سرعة و جاءت ليلة الخميس و كانت سارة تنتوى أن تكشف عن شخصية هذا الشخص الغامض، فهى لم تعد تحتمل الغموض. لقد كانت كل شكوكها تحوم حول شخص واحد، إنه الوحيد الذى قد يقدم على هذا الفعل.إسمه باسم. لقد تعرفت إليه من فترة و قد أحبها كثيراً لكنها لم تحبه، لم تشعر به. لقد إختفى وقتها من حياتها فى سرعة كما ظهر. و لم تكن على إتصال به و إن كانت تعلم من صديقاتها إنه بقى يفكر بها و يذكرها أمامهم لفترة.
سوف تنتظره فى الصباح الباكر و تواجهه عندما يصل لبيتها حتى تتأكد من شخصيته. مضت سارة مبكرة هذه الليلة إلى فراشها لكى تصحو فى الخامسة و دخلت فى ثبات عميق.

كان الجو شديد البرودة، عندما أشارت عقارب الساعة للسادسة تماماً. كان يهم بإلقاء الوردة على شرفتها عندما إنطلقت هى من وراء قضبان البوابة. و لدهشته الشديدة تجمّد فى مكانه، فلم يكن يتوقع أن تظهر هى فى تلك اللحظة. كانت ترتدى ملابس ثقيلة و تغطى رأسها و رقبتها، إنها تعلم جيداً إن البرد قد يقضى عليها فعلاجها يضعف مناعتها بشدة. و كان يعلم هو ذلك أيضاً فقفز من فوق دراجته البخارية و خلع سترته الجلدية و أحاطها بها كما لو كان يحميها من عدو خفى لا يراه. لم تمنعه هى فقد كانت مازالت تشعر بالبرد برغم ملابسها الثقيلة.
وقفت أمامه و قالت بصوت ضعيف: باسم؟

لم يسمعها هو لكنه قرأ إسمه على شفتيها فإبتسم و رفع الزجاج الداكن عن خوذته ليكشف عن عينيه. نعم إنه هو فعلاً. دارت مئات الأسئلة فى رأسها، لكنها لم تقل شيئاً حتى دعاها للركوب معه. لم تفكر كثيراً، إنتظرت حتى إستقر على دراجته ثم قفزت خلفه و أحاطت خصره بيديها الواهنتين. أعطاها باسم خوذة أخرى لترتديها و كان شعرها مازال يسترسل طويلاً خارج الخوذة. أنزل باسم الزجاج على خوذته و إنطلق فى الشارع حتى وصل إلى نهايته. لم تكن هناك سيارة واحدة فى شارع أبو قير – الشارع الرئيسى بقلب الإسكندرية - فإنطلق باسم مخترقاً الشارع. لم تسأله سارة عن وجهته لكنها أدركت من مساره فى شارع سوريا إلى أين هو ذاهب.
لم تمضى أكثر من دقيقتين حتى وصلا إلى كورنيش البحر و مضى باسم منطلقاً بأقصى سرعة على الكورنيش محاذياً البحر – يدور معه فى ملفاته. كانت سارة تتشبث به بشدّة ليس فقط لسرعته و لكن لإحساسها بالبرودة الشديدة تتسلل إليها. توقف باسم بعد فترة عند كوبرى ستانلى، بقت سارة على الدراجة بينما نزل باسم و جلس على الرصيف مواجهاً لها. مدت سارة يدها لترفع خوذته و ترى عينيه، و فعل هو المثل بها. كان مبتسماً، لم ترى فمه لكنها أحست بالإبتسامة فى عينيه، لقد كانت إبتسامته الصافية هذه هى أكثر ما يجذبها إليه فهى تشعرها ببساطته و طيبته. نطق بكلمة لم تسمعها هى من شدة الرياح لكنها فهمتها و نظرت بعيداً مبتسمة، كانت مرآة الدراجة أمامها فرأت نفسها بها، هزيلة ضعيفة شاحبة... فعادت تنظر إليه مجدداً و سالت الدموع من عينيها بدون أن تدرى.

قام باسم و مسح الدموع عن عينيها و ركب الدراجة مرة أخرى منطلقاً بها. لم تتشبث به سارة هذه المرة و لكنها فردت يديها عن آخرها و أغمضت عينيها، لقد كانت تشعر إنها سابحة فى الهواء، لم تكن تتوقع أن يحبها أحد كل هذا الحب، و إن لم تكن تحبه هى لكنها هائمة بحبه لها الغير محدود الغير مشروط. فجأة لم تعد سارة تشعر بما حولها، إنها تطيرو شعرها يطير ورائها، إنها تهوى من مكان عالى و لا ترى شيئاً و قلبها يدق بعنف، تصرخ لكن صوتها لا يغادر حنجرتها. شىء ما يدق بشدة بجوارها، تجد نفسها فجأة نائمة على فراشها فتقوم مفزوعة لتجد ساعتها تدق السادسة. تجرى إلى شرفتها فتجد الدراجة تسرع مغادرة و الوردة مستقرة عند قدميها. كان قلبها مازال يدق كما لو لم يكن حلماً، كانت تتمنى أن يكون حقيقة لكنه كان أجمل من أن يتحقق.


مرت عدة شهور، كانت الورود ترتمى و الآيات تملأ الصندوق الصغير و التعزية و الحب يفيضان فى قلبها. مازال شخصه غامض لكن مازال حبه يملأ قلبها فهو الشخص الوحيد الذى تجاوز الحياة الدنيا و لمس روحها بأياته و وروده، لم يكن يريد منها شيئاً سوى إسعاد قلبها و تعزيتها فى محنتها، أى حب مثل هذا؟

يوم الجمعة، موعد زيارتها للمستشفى، دخل الطبيب عليها منفعلاً حاملاً نتائج تحاليلها الأخيرة. قفزت سارة فزعة من مكانها لرؤيتها إنفعال الطبيب الذى طمأنها و قال لها إن هناك تقدم هائل فى علاجها و إن جلستها القادمة سوف تكون الأخيرة. حدّقت سارة فى عينيه بشدة و قفزت لتحتضنه و تشكره ثم تراجعت فى حياء لترى إبتسامة صافية على وجهه لم تراها من قبل حتى هذا اليوم.

منذ ذلك اليوم و لمدة أربع أسابيع لم يزرها صديقها الخفى. لماذا توقف عن إرسال الورود لها؟ هل لأنها تعافت و لم تعد تحتاجه؟ إنها تحتاجه الآن أكثر من أى وقت مضى لكى تشاركه فرحتها بالشفاء. إنها لن تشعر بطعم الحياة مرة أخرى بدونه بجوارها. ثم إنها مازالت لا تعرف كيف عرف هو بشفائها؟

كان هذا هو الأسبوع الرابع بدونه، لقد نامت تلك الليلة و هى تحتضن آخر وردة أرسلها. صحت من نومها فى الخامسة صباحاً و قررت أن تقوم لتنتظره أمام بيتها. أضاءت نور حجرتها فوجدت فجأة بقعة دموية على قميص نومها الأبيض. إنتفضت سارة من فراشها و إنطلقت إلى الحمام لتتفحص مصدر البقعة، لا توجد أى أثار على فمها أو أنفها، رباه، هل عاد المرض مرة أخرى؟ من أين أتت إذن؟ آه إن كفها يؤلمها بشدة! لقد جرحت أشواك الوردة يدها إذن. لحظة، لقد تذكرت شيئاً، هذه الإبتسامة الصافية، باسم، الطبيب، كيف لم ألحظ هذا؟ إنها نفس الإبتسامة! كيف هذا؟ نعم، أنا أتذكر الآن، لقد ذكر باسم من قبل أن والده طبيب بمركز الأورام. كيف لم ألحظ الشبه بينهما؟ جرت سارة إلى كتيب مشروع العلاج و قلّبت الصفحات فى سرعة شديدة حتى وجدت إسم الطبيب، إنه نفس إسم العائلة. دق قلبها بشدة فأسرعت ترتدى ملابسها و جرت إلى الشارع و كانت الساعة تدق السادسة تماماً عندما وجدته أمامها راكباً درّاجته النارية و قد مد يده بخطاب لها، أخذته منه و قد ألجمتها المفاجأة. فتحته فى سرعة بينما مضى هو فى طريقه، قرأته فى سرعة و بصوت عالى لكى يسمعها:

من غير حدود
من غير قيود
من غير كلام
من غير شروط
مش عايزك تحبينى
لكن بس خلينى
أفضل أحبّك
لغاية ما أموت
1كو 13 – 8

لم تجد كلمات تعبر بها فصارت تعيد كلماته و هتفت بإسمه بصوت عالى، فتوقف فجأة. بدأت هى تجرى حتى أدركته و قفزت فوق الدراجة النارية. أمسك بيدها و أخرج بيده الأخرى منديلاً ليمسح جرح يدها. نظر إليها فرفعت الزجاج الداكن من خوذته فرأت إبتسامته الصافية. أحاطت خصره بيديها فأخرج خوذة ثانية، وضعتها فوق رأسها و لكن مازال شعرها مسترسلاً على كتفيها. إنطلق بها إلى كورنيش البحر فى الإسكندرية فى السادسة صباحاً من يوم الجمعة.
-----------------------------
الإسكندرية فى 13 - 5- 2007
Thanks to my muse

الثلاثاء، مايو ٠٨، ٢٠٠٧

بالقلب خليني

First Dance Song for my Dear Friends Margo and Daniel in their Wedding on Thursday - May 3rd, 2007.
They danced very well to the music by the way :)

إضغط هذه العلامة لتحميل الموسيقى

كلمات: نهى نجم ونزار فرنسيس
الحان: جان ماري رياشي

بالقلب خليني ع ايديك غفيني
يا حبيب الروح بالروح خبيني
مشتاقه اغمرني احملني طيرني
بساحات عشقانه الليل سهرني

الليله خدني بهالحلم وعلي
الليله غير بحبك ما تقلي
نسيني الكون و قلي ضلي
ضلي ضلي ضلي

ولو كان كل الحب بعينينا
ولو داب شمع الليل حوالينا
قلي الدنيا لعبه بايدينا
حبيبي حبيبي حبيبي

معقول شو بحبك عم قول يا قلبك
صحيح شو غريب احساسي بحبك

شو كان قلبي لولاك يا حبي
كان شوق وهموم و هالعمر كان غربه

الليله خدني بهالحلم وعلي
الليله غير بحبك ما تقلي
نسيني الكون وقلي ضلي
ضلي ضلي ضلي

ولو كان كل الحب بعينينا
ولو داب شمع الليل حوالينا
قلي الدنيا لعبه بايدينا
حبيبي حبيبي حبيبي

بالقلب
يا حبيب الروح بالروح خبيني
حبيبي

الأحد، أبريل ٢٢، ٢٠٠٧

قلبك بقى أنتيكة فى بيتها

أنا كنت منتظر الأغنية دى تنزل فيديو و لاّ أوديو حتى من زماااااان - للعباقرة- فريق وسط البلد - غناء هانى عادل- إخراج عمرو سلامه- قلبك بقى أنتيكه فى بيتها

و هتفضل علي طول لعبتها
إكمنك دُبت و حبتها

إكمنك صدقت عينيها
و بقت روحك تجري عليها

قلبك بقى انتيكه قي بيتها
قلبك بقى انتيكه قي بيتها

ليل ليل ليل يا ليلي ليل

بص لقلبك و إسأله ليه ؟
إيه جواها بتجري عليه

يا بني دي قلبها عمره ما حبك !!
و لا مليون سنه راح تعدلها

اكمنك صدقت عينيها
و بقت روحك تجري عليها
قلبك بقى انتيكه في بيتها
ليل ليل ليل يا ليل يا ليل
لما تقولك ابكي بتبكي
و اما تقولك اضحك تضحك

قولي يا تري كده عاجبك نفسك
لما تتوه وسط محبتها ؟
إكمنك صدقت عينيها ..
و بقت روحك تجري عليها
قلبك بقى أنتيكه في بيتها

عن مدونة بيكيا - شكراً يا هانى على البوست ده :)

الجمعة، أبريل ٢٠، ٢٠٠٧

رسائل محترقة

عزيزتى الغالية،
أتمنى أنت تكونى بصحة جيدة و فى خير حال.

لقد مضى وقتاً طويلاً منذ رأيتك للمرة الأخيرة. لقد إعتدت رؤيتك فى كل صباح. كانت إبتسامتك وحدها تكفى لملء يومى بالتفاؤل و مواصلة العمل حتى اليوم التالى عندما أراكِ مرة أخرى.
لم نتحدث كثيراً منذ ذلك الحين، لكنك مازلتِ تطمئنين على أحوالى. إنه لشىء جميل، لن أشكرك عليه فمازلنا أصدقاء.

بالأمس تذكرتكِ و حاولت أن أتذكر ملامحكِ التى بدأت تتداعى من ذاكرتى... لم يستغرق الأمر كثيراً حتى قفزت صورتك كاملة أمامى، لقد كانت فقط مختبئة فى ثنايا عقلى هاربة من تفكيرى. مازلت أذكر يوم الوداع، شعرت بكلمات كثيرة كانت حبيسة فى صدرى و رأيت كلمات كثيرة تترقرق فى عينيكِ، كم وددت فقط لو أدركت ما هى – أو ربما هو مجرد خيالى. لكنى أحسست بالقليل منها يمر من خلال أطراف أصابعكِ إلى يدى عندما تصافحنا أكثر من مرة فى ذلك اليوم.

حبيبتى، آسف... أقصد أن أقول... عزيزتى – فلم يكن بيننا حباً، نحن مجرد أصدقاء غرباء. أنا أعلم أنكِ لن تقرأى خطابى هذا فسأطويه و أبقيه مع باقى الرسائل التى كتبتها و الخواطر التى ستدفن بداخل قلبى.

مع خالص تحياتى و تمنياتى لكِ بالسعادة و الهناء،
صديقكِ المجهول من مكان بعيد...
إضغط هذه العلامة لتحميل الموسيقى

السبت، أبريل ٠٧، ٢٠٠٧

موعد مع القدر


قصة قصيرة بقلم ميشيل حبيب
لم تكن الساعة قد جاوزت الحادية عشرصباحاً من هذا اليوم الشديد الحرارة فى مستشفى فيكتوريا بالإسكندرية، عندما إكتظت القاعة الداخلية للمستشفى بعشرات الأشخاص الذين ينتظرون دورهم للدخول إلى طبيبهم المعالج فى العيادات المختلفة. تمتلىء القاعة عن آخرها بالكراسى البلاستيكية المثبتة فى أماكنها فى ستة صفوف حيث يواجه كل صف الصف التالى له. بينما تحتوى القاعة على العديد من الأبواب الخشبية المؤدية لعيادات الأطباء الداخلية بالمستشفى. بين كل دقيقة و الأخرى تخرج إحدى الممرضات من أحد تلك الأبواب فيقفز البعض من كراسيهم متجمعين حولها سائلين عن دورهم، فتارة تنظر إليهم بصرامة ثم تشير لأحدهم أن يتبعها لداخل العيادة و تارة تقول بصوت جهورى لا يناسب هدوء المستشفى: "لسه يا جماعة، بالدور بالدور"


كانت القاعة نوعاً ما هادئة برغم هذا الكم الهائل من البشر، لا صوت يعلو بها سوى همس بعض المرضى يشكون آلامهم، صوت المراوح التى تملأ الأركان محاولة تلطيف الجو بدون جدوى فكان الجميع بلا إستثناء يتصببون عرقاً. و أخيراً هذا التلفاز الذى يعرض مجموعة أغانى فيديو كليب على قناة ميلودى فكان بعض المرضى يشاهدونه بلا إهتمام و البعض يقرأ شريط الإهداءات والرسائل التى يرسلها المشاهدون الذين يعانون من فراغ شديد من خلال تليفوناتهم المحمولة.

لم تكن دينا تنوى أن تترك عملها فى هذا اليوم لكن هذا الألم الذى فاجأها فى تلك الليلة لم يعطها فرصة كافية للنوم. فأخذت أجازة عارضة من العمل و صحت من النوم متأخرة على غير عادتها لتذهب لعيادة طبيب الأسنان الذى تفضله فى تلك المستشفى بدون ميعاد سابق. إنها قد تحتمل الإنتظار طويلاً حتى يفرغ الطبيب من مرضاه لكنها لا تستطيع الإنتظار يوماً آخر بهذه الحالة.

كان صوت حذائها الرتيب ذى الإيقاع السريع يدوى فى أرجاء المستشفى حتى وصلت إلى القاعة فوجدت العديد من العيون تنظر إليها فى ترقب كما لو كانت تبحث عن أى حدث جديد يكسر ملل الإنتظار. فتوقفت دينا للحظة فى خجل و توقف صوت الحذاء المدوى. كانت شابة فى مقتبل العمر تعمل مصممة للإعلانات، قصيرة الطول بشدة، نحيفة، بيضاء، ملامح وجهها رقيقة للغاية و متناسقة، على وجهها نظارة طبية صغيرة بإطار أسود مستطيل رفيع، شعرها أسود قصيرلا يصل إلى كتفيها، يبدو ناعماً بطبيعته. كانت ترتدى ملابس بسيطة للغاية، تي شيرت أبيض لا يحمل سوى علامة صغيرة و بنطلون جينز أسود يظهر نحافتها بوضوح. و حذاء أبيض كعبه لا يقل عن سبع سنتيمترات كاملة. لم تضع أى حلى سوى سلسلة ذهبية رفيعة تنتهى بصليب رقيق يناسب حجمها الضئيل. كان جمالها هادئاً و ملبسها أنيقاً بسيطاً لا يلفت الأنظار.أشاح الجميع بوجوههم مرة أخرى مما زاد من خجلها فأكملت طريقها فى سرعة و ضوضاء مرة أخرى باحثة عن مكان تستريح به فى القاعة فلم تجد مكاناً مناسباً. حتى فتح أحد تلك الأبواب مرة أخرى و قام أحد الجالسين بثقة متجهاً إلى الممرضة التى سمحت له بالدخول على الفور ثم أغلقت الباب بقوة ورائه و نظرت إلى الجميع نظرة متحدية ثاقبة كأنما تنتظر كلمة إعتراض واحدة لتخرج من داخلها طاقات الكبت و الهم الكامنة. و بينما كان الجميع يتابعون الموقف إختلست دينا النظر إلى الكرسى الذى أصبح الآن فارغاً فإتجهت إليه بخطوتها السريعة المعهودة و جلست عليه فى ظفر و سعادة.


عاد الملل يسيطر على المكان مرة أخرى. و بدأت آلام الأسنان تعود فرسمت دينا على وجهها علامات الألم و أخذت تتجول بنظرها حولها محاولة إلهاء نفسها عن الألم، كانت وجوه المرضى كبار السن تذيب قلبها فتنسى آلامها البسيطة، و كانت وجوه الممرضات ترعبها بما يكفى فقد تجهش بالبكاء إن تفوهت أحداهن بكلمة أمامها. أخرجت دينا منديلاً من حقيبتها لتجفف عرقها الذى تصبب منها رغماً عن نحافتها الشديدة ثم أخذت ترسل بعدد من الرسائل لأصدقائها على المحمول لكن لم يرد أى منهم بعد، فهم بالغالب مشغولون بعملهم. تردد فى المكان صوت سامو زين يغنى "أنا عارفك من قبل ما أقابلك" فإلتفتت دينا إلى الشاشة الذى لم تلحظها من قبل فى القاعة، و قد عقدت العزم على إتخاذه وسيلة تسليتها فى الساعة القادمة حتى يأتى دورها فى عيادة الأسنان. برغم إهتمامها الشديد بالأغانى العاطفية و تصويرها بحكم عملها فى مجال الإعلانات، إلا إنها طالما كرهت هذا الشريط المقيت بأسفل الشاشة الذى يمتلىء بالحوارات السخيفة. هى لا تصدق إن أحداً لديه كل هذا الوقت لإضاعته فى حوارات واهية مع أشخاص وهميين.
"أيمن: مطلق يبحث عن الحب فى المنصورة"، "أميرة البحرين: وينك يا نجم الصباح"، "أبو قلب كبير: صباح الخييييررررر يا أحلى شباب و صبايا الميلودى"، "عمدة الإسكندرية: 28 سنة مهندس طويل أسمر نحيف يشعر بالملل"، "نجم الصباح: أنا هنا يا أميرة البحرين إشتقتلك مرررررررررررررره خخخخخخ"
برقت عينا دينا للحظة و تبادلت النظرات بين هاتفها و شاشة الميلودى و قالت بصوت لا يكاد يسمعه أحد: "و لم لا؟" إنها بالفعل تشعر بملل شديد فلم لا تجرّب؟ بدأت تفكر فى أول رسالة... و لم تتردد لحظة.
"دندشة العصافرة+: أسنانى تؤلمنى و أشعر بالملل الشديد."
"عمدة الإسكندرية+: سلامتك يا دندشة! ممكن نتعرف؟"
"دندشة العصافرة+: 24 سنة مصممة إعلانات، قصيرة و نحيفة جداً، أشعر بالخجل"
"عمدة الإسكندرية+: هل تؤمنين بالقدر؟"
"دندشة العصافرة+: طبعاً! إنه الترتيب الإلهى الذى يجمع شخصان دون أن يدريان"
"عمدة الإسكندرية+: ربما هو القدر الذى جمعنا اليوم، فهذه أول مرة أدخل على ميلودى"
"دندشة العصافرة+: أنا أيضاً!!! إنه الملل الشديد، و المرض، بعيد عنك!"
"عمدة الإسكندرية+: ألف سلامة، ليس بعيداً، أنا ملازم الفراش من يومين و عندى ملل."
"دندشة العصافرة+: سلامتك يا عمدة، مم تشتكى؟"
"عمدة الإسكندرية+: من الرصيف!!"
"دندشة العصافرة+: أفندم؟"
"عمدة الإسكندرية+: منهم لله، المحافظة كسرّت رصفان البلد كلها و تعيد رصفها، وقعت و كسر ذراعى"
"دندشة العصافرة+: فعلاً! أنا وقعت أكثر من مرة، آخرهم كنت على باب المستشفى من نصف ساعة، ربنا يستر"
"عمدة الإسكندرية+: أنا أحب هذه الأغنية جداً"
"دندشة العصافرة+: أنا أيضاً! هى ما لفت إنتباهى للشاشة أولاً"
"عمدة الإسكندرية+: أنا مضطر أستأذن، عندى ميعاد مهم."
"دندشة العصافرة+: فرصة سعيدة يا عمدة."
"عمدة الإسكندرية+: أتمنى أن أراكى مرة أخرى للتعرف عليك أكثر "
"دندشة العصافرة+: طبعاً أوعدك، لو شاء القدر أن نتقابل مرة أخرى"

عادت دينا مرة أخرى إلى عالم الواقع عندما رأت القاعة مرة أخرى و قد كان وجهها مغطى تماماً بالعرق فلم تلاحظه هى طوال حوارها الذى إندمجت به تماماً فأخذت تمسح وجهها بالمنديل مجدداً و أخذت تفكر – هل تقابله مرة أخرى؟ إنه يبدو شخص لطيف خفيف الدم، ربما قابلته على الميلودى فى يوم آخر، و ربما لا تقابله إطلاقاً. أوف، لم فعلت هذا؟ إن هذه الحوارات سخيفة فعلاً و لا فائدة منها. لم فعلت هذا؟ ربما لتهرب من وجه الممرضات. لم تكد تلك الفكرة تمر من أمامها حتى ظهرت إحداهن فجأة، ضخمة الجثة، عريضة المنكبين، وجهها غليظ، عقدت حاجبيها و كشرت عن أسنانها و قالت ملاك الرحمة: "البشمهندس عماد، إتفضل"


وقف هو فى تلك اللحظة، شاب طويل أسمر نحيف و يبدو عليه الملل مثل الجميع. حدقت دينا فى وجهه لوهلة و قد تدلى فكها السفلى ببلاهة، فقد كانت يده اليسرى مكسورة و مربوطة رباطاً طبياً و يحمل هاتفه فى يده اليمنى. هل يكون هو؟ يا لها من صدفة. إتجه البشمهندس عماد إلى الممرضة فى ضيق و ملل، ربما بسبب ألمه من يده أو ألمه من رؤيته لها. لم يلاحظ دينا على الإطلاق و قد حمدت هى الله على هذا مئات المرات فى النصف ساعة التالية.

أخذت المفاجأة عقلها تماماً لبضعة دقائق حتى فقدت الإحساس بالزمن. بدأت تعود لعقلها و أخذت تفكر. هل رآها؟ لم يكن يجلس بعيداً. هل عرفها؟ قصرها و نحافتها واضحان. هل كان يعلم بوجودها طوال حوارهما؟ ربما رآها تبعث بالرسائل. هل هو فعلاً نفس الشخص؟ إنه يبدو لطيفاً محترماً لكنه ليس العماد الوحيد بالإسكندرية. و ماذا عن الذراع المكسورة؟ ربما هو ليس العماد الوحيد ذو الذراع المكسورة بالإسكندرية. لكنه قال إن لديه ميعاد. و الممرضة نادته بالباشمهندس. كل الناس ينادونهم بالباشمهندس فى هذه الأيام. ربما هى مجرد صدفة. حتى لو كان هو. هذا لا يعنى شيئاً بالمرة. مجرد صدفة.
أخذت الأفكار تلعب برأسها لفترة طويلة حتى نسيت تماماً آلام أسنانها. إن التفكير أحياناً ما يقوم بعمل أكثر المسكّنات تأثيراً. لم تسمع دينا الممرضة تنادى إسمها ثلاث مرات على الأقل، و لكنها سمعتها فى المرة الرابعة فإنتفض قلبها الصغير من مكانه و قفزت من مكانها ناظرة فى إتجاه الممرضة. كانت هى ذات الممرضة كاشفة عن أسنانها الصفراء التى تتخذ أوضاعاً مختلفة لا ترتبط بأى توزيع للأسنان ورد فى جميع مراجع الأسنان العلمية أو حتى فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية.

لم تلق دينا إلى هذا كله بالاً حيث كان الألم قد بلغ شدته فلم تستطع حتى الكلام بل إكتفت بهز رأسها و مضت فى سرعة إلى داخل العيادة. فجأة، فتح باب عيادة العظام و خرج منه نفس الشاب الذى دخل من قبل. لم تستوعب دينا الموقف عندما إصطدمت به فقد كانت مسرعة و مشتتة التفكير و لم تراه. صرخ عماد من الألم فقد إصطدمت بذراعه المكسورة و فقدت إتزانها فى فزع خاصة لأنها ترتدى كعباً عالياً و طارت حقيبتها فى الهواء. مع ذلك إستطاع عماد أن يسندها قبل أن تسقط على الأرض. ثم رفع حقيبتها بيده السليمة و أعطاها لها و قال: "أنا آسف." لم ترد عليه هى بل إكتفت بإيماءة من رأسها مبتسمة. ربما هو الألم ربما هى المفاجأة، لكنها قررت ألا تقول شيئاً على الإطلاق.



أطال عماد النظرإلى دينا المفزوعة فزادت نبضات قلبها حتى تهيأ لها إنها تسمعها بوضوح بل تخيلت إن قلبها ينتفض بوضوح إلى خارج صدرها. إحمرّ وجهها و أخذت تهرب بنظراتها منه لكنه بقى هكذا حتى عادت هى للدخول إلى عيادة الأسنان. و هنا فقط قال لها: "من فضلك". نظرت إليه مرة أخرى فقال مشيراً إلى حقيبتها:
"أنا شفت العلامة دى قبل كده، مش دى شركة إعلانات برضه؟"
برقت عيناها لحظة عندما رأت باطن يده اليمنى و لكنها أشارت برأسها فى إصرار مسبق أنه "بالطبع كلا"، مفكرة إن الكذب و الصمت من الفضائل الكبرى.
فقال عماد غير مصدقاً: "بس أنا ليا صحاب هناك و عارف الشنطة دى هدية للموظفين بس"
هزت كتفيها كأنما الأمر لا يعنيها فى شىء.
تطلع عماد إليها للحظة متأملاً قصرها و نحافتها الشديدة و سلسلتها الذهبية ثم قال مغامراً: "حضرتك الآنسة دينا؟ صح؟"
عادت لهز رأسها بالنفى، فقاطعها بإبتسامة مشيراً لعيادة طبيب الأسنان التى هى كانت متجهة إليها: "و حضرتك سنانك وجعاكى و رايحة عيادة الأسنان؟ مش كده؟"
كادت دينا تنفجر فى البكاء و لكنها ظلت رابطة الجأش و أصرت على عنادها و أشارت بالنفى مرة أخرى، بل ذهبت هذه المره فى الإتجاه العكسى إلى خارج القاعة بسرعة شديدة.
نظر عماد إليها فى أسى و حزن بينما رفعت الممرضة حاجبها عندما وجدتها راحلة و قالت بصوت ربما سمعه نزلاء المستشفى بدون إستثناء: "آنسة دينا، دكتور سامى منتظر حضرتك! هتيجى و لا نلغى الكشف؟"
نظر عماد إلى جانب الممرضة حيث كانت اللافتة تقول: "سامى لويس – أسنان"
تجمدت دينا فى مكانها بينما جرى عماد إليها ليلحقها و قال باسماً:
"هل تؤمنين بالقدر؟"
هزت رأسها فى خجل أنه نعم، فقال:
"يمكن هو القدر اللى جمعنا النهارده"
هزت رأسها فى خجل مرة أخرى أنه نعم، فقال:
"و إنتى وعدتينى، لو شاء القدر نتقابل تانى..."
رفعت رأسها إليه هذه المرة، كان طويلاً للغاية و وسيماً و تبدو على وجهه ملامح الطيبة و الذكاء. رفع حاجبيه منتظراً إجابتها لكنها لم تكن تستمع إليه. فعاد يقول لها:
"إتفضلى عند الدكتور، أنا هستناكى هنا، نشرب كوبايتين شاى فى القاعة هنا و نتكلم شوية؟"
قالت له بصوت خفيض جداً: "أوكى"
لم يسمع صوتها لكنه قرأ الإجابة على شفايفها و تأمل وجهها المتصبب عرقاً و خدها المنتفخ قليلاً بسبب ألم أسنانها.
رجعت هى إلى داخل عيادة الأسنان و لم تصدق أن الممرضة سمحت لها بالدخول فأغلقت الباب من خلفها بعد أن نظرت إليه نظرة أخيرة و هو يبتسم لها.
عاد عماد يتابع الشاشة فوجد بعد عدة دقائق رسالة تقول:
"دندشة العصافرة+: لا تطلب لى شاياً و لا تتوقع أن أقول كلاماً واضحاً، فالطبيب ينوى أن يحشو فمى بالقطن بعد الخلع. لكن إنتظرنى أرجوك."
أغمض عماد عينيه و إسترخى فى مقعده وأخذ يمسح العرق المتصبب على وجهه منتظراً موعده المفاجىء مع القدر.


الأحد، أبريل ٠١، ٢٠٠٧

Boleeen بولين

بولين؟ يا سلام على بولين؟ هو فيه زيها ؟
بولين؟ دى هدية... هدية!
المهم الروح اللى إنت هتعيش معاها.

إهداء لكل من يتبع المدرسة التقليدية و كل من أراد مشهداً كوميدياً
مشهد من فيلم مافيا لأحمد السقا و منى زكى.

و عشان خاطرك آدى الAVI

السبت، مارس ٢٤، ٢٠٠٧

المكالمة الأخيرة


إضغط هذه العلامة لتحميل الموسيقى

قصة قصيرة بقلم ميشيل حبيب - 24 مارس 2007

لم تكن هى حبه الأول، لقد أحب الكثير لكن كثيراً ما عانده القدر.لكنها كانت أقرب ما كان لفتاة أحلامه التى طالما بحث عنها. أحبها من طرف واحد و لم تكن تستجيب إطلاقاً لمحاولاته اللامتناهية للتقرّب منها حتى مضى بعيداً عنها و لم يعد يذكرها أمام أصدقاءه فتوقع الجميع بما فيهم هى إنه نسيها تماماً.

فى أطراف مصر الجديدة، جلس الأصدقاء الثلاثة، ميزو، فرفر و نوسة فى تلك الحديقة الواسعة المليئة بالأشجار و الورود. كان الوقت قد جاوز العصر بقليل و نسمات الهواء تحمل رائحة الياسمين العطرة معلنة بداية فصل الربيع.
كان فرفر و نوسة يتبادلان النكات الخفيفة و يتضاحكان بصوت عالى ، لم يكن لحديثهم أى معنى أو ترابط حتى لتظن إنهما مخبولان، بينما جلس ميزو منزوياً منطوياً على نفسه يبدو كما لو كان يحمل هماَ كبيراً. كان الأصدقاء الثلاثة فى ريعان شبابهم. بينما بدا ميزو أكبر قليلاً فقد أضاف الحزن بعض الأعوام لعمره الحقيقى و إنحناءاَ لظهره و لاحت بعض الخطوط البيضاء على رأسه معلنة إنشغاله بأمور كثيرة طقطقت شعره.

أخذ ميزو يتأمل موبايله كما لو كان ينتظر مكالمة مهمة. ثم وضعه بعيداً فى ضيق. فقال له فرفر ضاحكاً:
- هى لسه متكلمتش؟
- (فى حدة) هى مين دى؟
- (ضاحكا بخبثً) معرفش بقى بس طالما إنت قلقان كده يبقى أكيد مستنى تليفون مهم
قالت نوسة فى ضحك و غمزت غمزتين:
- إعترف يا ميزو – مين هيكلمك؟
- (فى ملل) أبداً ده بس بيتهيألى حد بيرن
أضاء الموبايل للحظة مع صوت ضعيف فقفز ميزو من مقعده حتى كاد يسقط من مكانه فضحك الأصدقاء بينما نظر هو إلى الموبايل فوجد البطارية تعطى إشارة إنها على وشك النفاذ.
إنفجر فرفر فى الضحك قائلاً:
- البطارية بترنلك تانى.
بينما قالت نوسة فى جدية:
- متكلمها يا ميزو!
- (ميزو فى حدة) هى مين دى؟
- (نوسة ضاحكة) البطارية، يمكن عايزاك فى شاحن
إرتفع صوت الموبايل برنته المميزه فى هذه اللحظة فسكت الجميع معلقين أعينهم بالموبايل. ثم نظر ميزو فى حدة إلى فرفر فلم يكن سوى فرفر يرن عليه.
قالت له نوسة فى إهتمام:
- مين يا ميزو؟
إنقطعت الرنة فجأة بينما كان فرفر مازال يضحك حتى سمع ميزو يرد على الموبايل و يقول:
- ألو بتضحك على إيه يا فرفر؟
إنتبه فرفر و نوسة لما فعله ميزو فإنقطع فرفر عن الضحك و بدأته نوسة. بدأ ميزو يستعد للفرار بين أشجار الحديقة عندما هب فرفر من مقعده للحظة ثم جلس ساكناً.

عاد الأصدقاء الثلاثة لما كان يفعلونه كما لو أن شيئاً لم يكن. و أخذ ميزو ينظر لموبايله كل بضعة دقائق و يتأكد إنه لم يتلق أى رسائل أو رنات ثم يطمئن أن صوت الرنة عال بما يكفى حتى يسمعه عندما يرن.

أخذت نوسة تحكى لفرفر بصوت عال عن آخر حلقة من المسلسل الكوميدى الذى تتابعه على التليفزيون و أخذ فرفر يعلق بقفشاته الضاحكة مشتتاً نوسة بين كل مشهد و الآخر فتعود تحكى من البداية، بينما سرح ميزو بخياله قليلاً و رفع رأسه للأعلى متأملاً تشكيلات السحاب محاولاً تخيل ما يمكن أن يرسمه هذا التكوين. إنه يشبه مجموعة من الأمواج وسط البحر و فوقها بعض الطيور تطير بين السحاب. يا له من تشبيه مجنون، بالطبع السحاب يبدو كالسحاب!

لم يدرى ميزو كم من الوقت مر عليه متأملاً و لكن ضوء النهار بدأ يتداعى بينما مازالت نوسة تحاول جاهدة حكاية الحلقة و فرفر يستمتع بمقاطعتها و تشتيتها. إنه مزيج من الأصدقاء لا تجده كثيراً. تجمعهم البراءة و الصفاء برغم كبر أعمارهم.

أخذ ميزو يتابع طائراً يحوم حول المكان لفترة كما لو كان تائهاً أو يبحث عن شىء ما ضائع منه. إرتفعت رنة موبايله المميزة متصاعدة تدق بقوة حتى كادت تخترق رأسه. نظر ميزو إلى المنضدة فوجد موبايلات أصدقاءه بجوار موبايله فإنتفض قلبه من مكانه و إختطف موبايله محدّقاً فى الشاشة. هل هى؟
قال ميزو (حيث لا تسمع الطرف الآخر):
- ألو؟
- ......
توقفت نوسة عن الكلام و فرفر عن الضحك للحظة و قالت نوسة:
- إيه ده أنا مخدتش بالى التليفون بيرن
- (فرفر ضاحكاً) طبعاً مانتى صوتك قد كده
- (نوسة بصوت عالى) لأ إنت إللى ضحكك جايب آخر الجنينة

عاد الأصدقاء للمسلسل بينما إبتعد ميزو قليلاً و سدّ أذنه:
- أيوه أنا ميزو، دوللى؟
- .......
- إزيِك؟ عاش من سمع صوتِك.
- .......
- أبداً، أنا كنت قاعد مستنى.
- ......
- مستنى تليفونك طبعاً.
- ......
- صدقينى، أنا بقالى كتير قوى مستني.
- .......
- لأ، أنا ورايا إيه؟ إتفضلى أنا معاكى.
- .......
- أيوه يا دوللى؟
- ......


قالت نوسة لفرفر:
- هى مش دوللى دى كانت زميلته فى الكلية؟
- أيوه غريبة دى عمرها ما كلمته...
- دى هاجرت من تلات سنين و ...
- و أخبارها إنقطعت

ميزو يتابع حديثه فى الموبايل:
- مالك؟ سكتتى ليه؟ خير؟
- ........
- فاكر موضوع زمان؟! بتاع إيه؟!
- ........
- قصدِك لما إتكلمنا زمان فى موضوع كده؟
- .........
- طبعاً فاكر، هو دى حاجة تتنسى!
- .........
- سكتتى تانى ليه؟ أرجوكى كمّلى..
- ........
- مش عارف يا دوللى، بس أنا كنت وعدت نفسى زمان مفكرش فى حد مبيفكرش فيا..
- .......
- ممكن تفهّمينى أكتر؟
- ......
- أنا فعلاً بعدت عنّك – مع إنى كنت لسه بحبك – بس ده عشان أنسى و أبتدى حياتى من جديد.
- ......
- لأ... مقدرتش، بس بتسألى ليه؟
- .....
- متضايقة؟ ليه؟
- .....
- بس أنا كنت فاكر إنى مش فارق معاكى.
- .......
- مش مصدّق، قصدك إيه مشاعر الإنسان بتتغير؟
- ......
- لو أنا بحب حد قوى أقوله إيه؟ ده سؤال برضه؟
- ........
- طبعاً أقوله إزيك عامل إيه..
- ......
- (دامعاً) أنا؟!!! أنا كويس قوى قوى قوى.
- .....
- (ضاحكاً)أيوه كده إضحكى شوية...
- .....
- (دموع ساخنة تسيل على وجهه) و أنا كمان بحبك قوى. يعنى كنتى مخبية عنى كل الفترة دى؟ ليه؟
- ......
- طب كنتى إدينى أى علامة، إنتى عارفة أنا مستنى اللحظة دى من كام سنة؟
- ......
- مستنى من زمان المكالمة دى عشان أحكيلك على كل الحاجات اللى عملتها طول الفترة اللى قضيناها سوا و أشوف خدتى بالك ولا لأ.
- .......
- حاجات كتير صدقينى... بس حاجات بسيطة قوى، كان نفسى تاخدى بالك.
- .......
- فاكرة أول مرة إتغدينا سوا؟ أنا كنت واكل بس حبيت آكل تانى معاكى – تلكيك بقى.
- .......
- فاكرة لما عزمت الكورال كله على السينما؟ ده كان عشانك – كنت عارف إنك كان نفسك تروحى الفيلم ده. كل الناس جت إلا إنتى، كان نفسى تحضرى جنبى.
- .......
- فاكرة كنت بجيبلك إيه مخصوص مرة كل أسبوع تقريباً؟
- .......
- أيوه دى كانت عشانك إنتى بس.
- .......
- طب فاكرة العروسة؟
- .......
- و الصور بتاعتى؟
- .......
- صدقينى كل حاجة كنت بعملها كنت بفكر فيكى. أنا مبسوط قوى دلوقتى إنى حكيتهالك، و مبسوط أكتر عشان أخيراً حسيتى بيها.
- .......
- عارفة أنا حاسس بإيه؟ زى ماكون بحلم مش بكلمك بجد. عارفة أنا ياما حلمت بالمكالمة دى و إتمنيتها.
- .......
- أنا زى ماكون عشت المكالمة دى قبل كده بكل تفاصيلها – إحساس غريب قوى مش قادر أوصفهولك.
- .......
- مش لازم نضيع دقيقة واحدة كمان من عمرنا، اليوم ده أحلى يوم فى عمرى. اللحظة دى أجمل لحظة فى حياتى – نفسى أعملّها ستوب كده و أفضل أعيدها مرة ورا مرة ورا مرة – لغاية ما تسفّ.
- ......



- مع السلامة يا أجمل حب. دوللى؟
- .......
- أرجوكى تعالى، أنا محتاجلك.
- .......
- سلام.

إرتفع صوت الموبايل تيت تيت تيت ثم فصل تماماً مثل صاحبه الذى حدّق فى الفراغ ثم نظر لأصدقائه – الذان يبدوان كما لو كانا منصتين للحوار بأكمله، فقد كف فرفر عن الضحك بينما إنخرطت نوسة فى البكاء و قالت:
- أنا مش فاهمة حاجة بس أنا فرحتلك.
قال ميزو و هو يجلس على مقعده فى سعادة – كما لو كان لا يدرك وجود أصدقاؤه:
- أنا مبسوط قوى، أنا فضلت كتير قوى مستنيها تكلمنى و تقولى إنها بتحبنى. أنا كنت فاكرها عمرها ما هتحبنى. أخيراً القدر رضى عنى. أخيراً اللى حبيته حبنى. أنا مش مصدق أنا هتجنن !!
أخرج ميزو من قميصه خطاباً مهترئا و أخذ يتأمله فى هدوء بأيادى مرتعشة بينما سقطت منه صورة على الأرض بدون أن يلاحظها.
عاد فرفر للحديث مع نوسة قائلاً:
- مش ممكن، الواد ده ممل جداً. كل يوم كده.
- (نوسة فى دهشة) فعلاً؟
- (فرفر فى غيظ) يا دى الزهايمر
جاءت فتاة من بعيد ترتدى ملابس بيضاء أنيقة و تحمل صينية بها أكواب من الماء وضعتها أمامهم. ثم مالت على الأرض و إلتقطت الصورة و وضعتها على المنضدة. إبتسمت فى هدوء و قالت و هى تشير إلى ساعتها:
- أنا آسفة، المعاد جه.
أومأ الجميع برؤوسهم فى تفهم للفتاة التى حيّتهم و إنصرفت من حيث أتت بينما مدّ كل منهم يده إلى جيبه. نظرفرفر إلى الصورة و هو يشرب الماء، صورة لفتاة جميلة هادئة الملامح و بجوارها شاب وسيم و طفلان توءمان – يشبهان الفتاة تماماً.


إبتلعت نوسة قرصاً من الدواء و شربت القليل من الماء ثم نظرت بإستغراب إلى ميزو الذى إلتقط موبايله فى لهفة و قال:
- أيوه أنا ميزو، دوللى؟
- .......
- إزيِك؟ عاش من سمع صوتِك.
- .......
- أبداً، أنا كنت قاعد مستنى.
- ......
- مستنى تليفونك طبعاً.
- ......

كان الظلام قد خيم على المكان تماماً عندما قام الجميع من الحديقة متجهين إلى داخل المصحة الخاصة حيث يباشرون علاجهم النفسى من عام مضى. لقد تعارفوا هناك حتى صاروا أصدقاء مقربين.
سألت نوسة فرفر بصوت خفيض:
- هو مش موبايله فصل؟ بيتكلم إزاى؟
لم يرد فرفر على نوسة بل إبتسم فى هدوء و ربت على كتفها فى هدوء كما يفعل كل يوم و تابع مسيرته إلى الداخل. مسكين ميزو طالما حلم باليوم الذى تتصل به فتاته يوماً بعد يوم حتى جاءه هذا الجواب فطار صوابه.
أخذ ميزو يهمس فى الموبايل:
- عارفة أنا حاسس بإيه؟ زى ماكون بحلم مش بكلمك بجد. عارفة أنا ياما حلمت بالمكالمة دى و إتمنيتها.
- .......
- أنا زى ماكون عشت المكالمة دى قبل كده بكل تفاصيلها – إحساس غريب قوى مش قادر أوصفهولك.
- .......